الملحق الثقافي:بديع صقور:
« الإنسان، أطول إنسان، لا يمكن أن يطال السَّماء»
«الإنسان، أعرض إنسان، لا يمكن أن يغطّي الأرض»
مثلٌ سومري، يعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد
خمسٌ وستون من السّنين
خمسٌ وستون تسكّعاً
يوم أطول من دهرٍ
وزهرة أقصر من يومٍ
خمسة وستون من الشِّتاءات الغاربة
تدحرجُ حجارتها ملائكة الصقيع
فوق منحدراتِ السغب
أوطانٌ وأنبياء
أنصاف آلهة
على مفترقِ صيف
تحت ظلالِ خريفٍ عابثْ
تتشظّى كنبيٍّ غريب..
ربيعٌ يزهرُ رماداً
أيائل هائمةٌ يطاردها الرصاص
فوق دروب دهرٍ آثم ..
كيف تقطّعت أوتار روحك؟
كيف خبتْ شعلة المواويل؟
هذا الرصاصُ يفقأ عين السَّماء
هذه الغاباتُ صارت مأوى للذئاب
والبلهاء..
هذا السندبادُ قطَّعتْ أوصاله
سواطير الموج ..
الكهوفُ تزهرُ رؤوساً
دمكَ هو الرافدُ الوحيد
لأنهارِ الذبول..
صقيعٌ مقيم
آلهةٌ بلا أنبياء
وخريفٌ إثرَ خريف
خطواتٌ عجلى لأنبياءِ
اللحظاتِ العابرة
يطلعون من جهةِ السَّواطير
فلول شحاذين يفترشونَ الغبار
بقايا أشرعة وزبد
أكمة من سواطير
وتشرئبُّ ألسنةُ الدم
هذا الصقيعُ لمن؟
هذه الثلوجُ العالقة على أصابعِ الوطن
تنتظرُ شمساً ما
فوق قارعة العدم
خمسةٌ وستون خريفاً
وأنت الأخير في عربات الشحّاذين
معلَّقاً كستارةٍ ممزقة
وهيهات..
هيهات، ولا ريح..
على ضفَّة هذا اليباس
ما زلتَ تنتظرُ نبيّ المطر
لتقتسم وإياه هذه الحقول من الغبار
وهذا الرغيفُ من التسكّع..
خمسةٌ وستون نبيّاً يتقمَّصون روحك
ويومٌ أطول من دهر
ودهر أقصر من فجر ..
خمسٌ وستون من السنين
تهدرُ في وديانِ دمكَ
خمسٌ وستون
وقبل أن ترفع عن رأسك
قبَّعة الريح..
أدرْ وجهك صوب الجبال
وحاذر أن تموتَ ذابلاً كزهرةِ دفلى
التاريخ: الثلاثاء11-5-2021
رقم العدد :1045