تتساءل الكاتبة والفيلسوفة “ميري ورنوك”: لماذا نقدر الذاكرة تقديراً عالياً..؟
بالطبع دائماً ما تمّ الحديث عن الذاكرة كشيء ضروري وحتمي للهوية..
بدوره يربط “بول كونرتون” ما بين فقدان الذاكرة والحداثة، في كتابه الذي يتحدث عن (كيف تنسى الحداثةُ) والذي تُرجم عنوانه إلى “كيف يغزو النسيان ذاكرة الحداثة”.
كل ما نتحدث عنه ونذكره بطريقة غير مباشرة، يرتبط بتلك الأشياء المنسية.. والعكس صحيح، بمعنى كل ما ننساه يدفع إلى ذاكرتنا تلك الأشياء المحفوظة عن ظهر قلب.
يرى أحدهم أن الذاكرة “أصبحت من أكثر الكتب مبيعاً في المجتمع الاستهلاكي”..
ولو أنه قال: “من أكثر الأشياء”، لكان ذلك جائزاً أيضاً..
ألا تلاحظون أن أجهزتنا اللوحية الذكية، كلّما زادت سعتها/ذاكرتها، زاد ثمنها..!
وكأنما يتم استبدال الذاكرة البشرية بأخرى إلكترونية.
تحدثت “ورنوك” عن أهمية تحويل الذاكرة إلى قيمة مرتبطة بالهوية.. وذلك عبر “تحويل الذاكرة إلى فن”، على اعتبار أن الفن/الإبداع هو جزءٌ من ذاكرتنا الثقافية- المعرفية، وربما كان أبرز حاملٍ لها.
كلما شاهدنا هذه الأنواع الاستهلاكية من الأعمال التلفزيونية، كلّما تمّ تقصير أمد ذواكرنا الثقافية، ومسخها إلى أكثر أشكالها هشاشة..
فمن المعروف أن الدراما التلفزيونية ذات ذاكرة قصيرة قياساً إلى نظيرتها السينمائية..
وما يتمّ فعله هو طمس كل حواسنا بالكثير من البث الفني القصير التأثير والقصير العمر لتتحوّل فاعليته، بعد حينٍ، إلى المحصلة صفر..
فكيف الحال حين تكون معظم الأعمال المُدرجة تحت مسمى “دراما” هي بأصلها تجارية ومُنتجة خصيصاً لغرض التسويق الربحي وليس لأي غرض ثقافي حقيقي..؟!
رؤية- لميس علي