“مستقبل المنطقة يرسمه المحور المقاوم”، هذه الحقيقة التي أكدها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في الكثير من المناسبات، نرى شواهدها ماثلة وواضحة في كل ساحات المواجهة مع أعداء الأمة التاريخيين، وقد باتت متجذرة في وعي وعقول جميع الأحرار المؤمنين بعدالة القضية، وقدسية تراب الأوطان، حتى الأعداء أنفسهم باتوا يسلمون بها، ويخشون من عواقبها على مخططاتهم ومشاريعهم الاحتلالية والاستعمارية، ويسخرون كل إمكانياتهم لمحاولة إضعاف واستنزاف دول محور المقاومة، وسبق للإدارة الأميركية بعهد أوباما أن صنعت تنظيم داعش الإرهابي، وفرخت منه الكثير من التنظيمات التكفيرية كـ”النصرة” وغيرها، وجاءت إدارتا ترامب، وبايدن اليوم للاستثمار في جرائم تلك التنظيمات من أجل استهداف هذا المحور، رداً على هزيمة المشروع الأميركي في العراق، وعلى إفشال المقاومة إثر عدوان تموز عام 2006 لما سمي بمشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي يعطي الكيان الصهيوني صفة الشرعية، ويجعله صاحب اليد العليا في التحكم بمستقبل ومصير شعوب المنطقة.
سورية التي تمثل واسطة العقد في محور المقاومة، تمكنت بصمود شعبها، وبسالة جيشها وتضحياته الجسام، وبوقوف أصدقائها وحلفائها إلى جانبها، من إفشال كل المخططات والمشاريع الاستعمارية المعدة للمنطقة، وهي اليوم ترسم ملامح النظام العالمي الجديد، وكل التحالفات الدولية المناهضة لسياسات الغرب الاستعماري، تبنى على صمودها، وعلى انتصاراتها المتراكمة بحربها ضد الإرهاب وداعميه، وكذلك هي إيران – الداعم الرئيسي لحركات المقاومة المشروعة ضد قوى البغي والطغيان- تفرض وجودها بقوة كلاعب مؤثر على الساحة الدولية، ولم تستطع القوى الغربية لي ذراعها، أو تحييدها قيد أنملة عن التمسك بحقوقها، وبالتالي، نرى هذا الغرب يتجه للتسليم بهزيمته أمام قوة إرادتها، وهذا من شأنه أن يعزز قوة وصمود أبناء هذه المنطقة.
اليوم نرى المقاومة في فلسطين يزداد بريقها وألقها، وانتفاضة القدس تأكيد حي على أن المقاومة متجذرة في وجدان كل فلسطيني، وصواريخ المقاومة التي تطلق من غزة رداً على جرائم الاحتلال، تفرض معادلات قوة جديدة، حيث باتت تمتلك زمام المبادرة، فأجبرت العدو على إلغاء أضخم مناورات عسكرية في تاريخه، وعلى إغلاق المطار المسمى “بن غوريون” ودفعته لفتح الملاجئ أمام قطعان مستوطنيه، وأوقفت جلسة لـ”الكنيست” بعد لجوء الكثير من أعضائه للاختباء في غرف أكثر أمناً، والأهم أنها خلقت أزمة ثقة بين الشارع الصهيوني وحكومته بعدما كشفت هذه الصواريخ ضعف “القبة الحديدية” التي يتفاخر بها هذا العدو.
معادلات القوة التي تفرضها المقاومة في فلسطين، ترسم طريق الخلاص من الاحتلال، فكل اعتداء على القدس يقابله رشقات صاروخية من غزة على المستوطنات، وكل استهداف للمنشآت في غزة يقابله ضربات صاروخية مدوية على مواقع العدو في المدن الفلسطينية المحتلة، كما حصل في عسقلان وأسدود والتي دفعت وزير الحرب بيني غانتس للهرب مذعوراً، ومهما تمادت حكومة الاحتلال بعدوانها الغاشم، فسرعان ما ستلجأ لطلب التهدئة لاحقاً، ليقينها بأنها أعجز عن فرض مخططاتها، وإملاء شروطها، وبأنها ستكون الخاسر الأكبر من وراء تصعيد عدوانها، وهذا يؤكد حقيقة أن المقاومة هي صاحبة الكلمة الفصل بأي مواجهة مع العدو، وأياً كان هذا العدو، بأي مكان وزمان.
البقعة الساخنة – ناصر منذر