كاريكاتور ثوري…

ثورة أون لاين – خالد الأشهب: حتى «الثورة» كمفهوم ومصطلح, أو كحكاية أو سيرة أو سيناريو, وبوصفها حلماً يقارب التابو لدى كل المقهورين في الأرض أياً كان القاهر ونوع القهر, ثم بوصفها مشروعاً سياسياً للتغيير والتحديث في المجتمعات الإنسانية, لم تنج من السطو والتزييف والتفريغ باتجاه تحويلها إلى تقليعة أو موسم أو حتى عدوى تأخذ شكل الوباء أحياناً كما الحال مع «ربيع الثورات العربية» الراهن, ثم برمجتها بطريقة سينمائية ملحمية تقدم أثوابها وتزييناتها وألوانها وماكياجاتها للناس دون أن تقدم نفسها لهم أو تتقدم هي إليهم, ثم ليتحول الأمر برمته إلى لوحات من الكاريكاتور فيها من الهزل والسخرية أضعاف أضعاف ما فيها من الفكر والعمل, ما سيدفع الناس في نهاية الأمر إلى الكفر بالثورة والثوار!‏

أفليس من الهزل والسخرية أن يتململ الناس في مجتمع عربي, يتظاهرون ثم يثورون ويقتتلون ويدمرون مدنهم وتسيل دماؤهم غزيرة على يد بعضهم بعضاً بعد نجاح الثورة أكثر مما قبله, ثم تأتي إنجازات الثورة في صورة ثروة مباعة سلفاً لتسدد ثمن سلاح الثورة, وفي أقاليم تتوالى إعلانات استقلالها وفي قبائل وعشائر تتوالى اقتتالاتها وسيول دمائها .. وأيضا في إطلاق تعدد الزوجات وما ملكته الأيمان وحيث التعددية تعني الزوجات لا الأحزاب؟‏ أفليس من الهزل والسخرية مثلا أن تقوم ثورة على حجة قهر اجتماعي يعانيه مجتمع الثورة ودليلها أن بضع مئات من الشبان يركبون البحر وأهواله شهرياً مهاجرين غير شرعيين إلى شوارع أوروبا ومطابخها وسيارات القمامة المتجولة فيها.. ثم, وبعد أن تنجح الثورة تتضاعف أعداد المهاجرين إياهم وفي الاتجاه نفسه؟‏

أفليس من الهزل والسخرية أن تنقل الثورة ذاتها في مجتمع عربي ثالث السلطة من حزب إلى جماعة, من حليقي الذقون إلى طويلي اللحى, ومن ذوي الشارب إلى حليقيه, ومن رأس حاسر إلى آخر معمم, ودون أن تختلف الرؤوس ومحتوياتها سوى في جرعات التخلف والخديعة وأسمائها؟‏

أفليس من هزل الثورات العربية المستجدة وسخريتها أن تخلع من بوصلتها جان جاك روسو مثلاً وتثبت مكانه حمد بن خليفة, أو أن تنزع مونتسكيو وتلصق مكانه سعود الفيصل, أو تحرق مؤلفات ماركس ولينين وتمزق فلسفات هيغل وكانت وغيرهم, لتسترشد وتستنير بمقابلات حمد بن جاسم على شاشة الجزيرة أو على منبر الجامعة العربية؟‏

أفليس من هزال فكر الثورات العربية وسخرية الحداثة فيها, أن يرى عرب الجزيرة العربية في هيئات النهي عن المنكر والأمر بالمعروف بمطوعيها وسياطها برلمانات منتخبة لممارسة كل شيء ما عدا الحرية والديمقراطية.. وقيادة المرأة للسيارة؟ وهل الفرق عند عرب الجزيرة كبير إلى هذا الحد بين الدابة والسيارة .. أم إن الفرق بين المرأة والدابة ضئيل عند حكامهم ولا يكاد يرى؟‏

أفليس من هزال العرب جميعاً وسخريتهم المريرة أن يؤخذوا بمثل هذه اللوحات الكاريكاتورية, فلا يدركون الحقيقة حتى..؟‏

 

المصدر: جريدة الثورة

آخر الأخبار
مسؤولان أوروبيان: سوريا تسير نحو مستقبل مشرق وتستحق الدعم الرئيس الشرع يكسر "الصور النمطية" ويعيد صياغة دور المرأة هولندا.. جدل سياسي حول عودة اللاجئين السوريين في ذكرى الرحيل .. "عبد الباسط الساروت" صوت الثورة وروحها الخالدة قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل خرقها اتفاق فصل القوات 1974 "رحمة بلا حدود " توزع لحوم الأضاحي على جرحى الثورة بدرعا خريطة طريق تركية  لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع سوريا قاصِرون خلف دخان الأراكيل.. كيف دمّر نظام الأسد جيلاً كاملاً ..؟ أطفال بلا أثر.. وول ستريت جورنال تكشف خيوط خطف الآلاف في سوريا الأضحية... شعيرة تعبّدية ورسالة تكافل اجتماعي العيد في سوريا... طقوس ثابتة في وجه التحديات زيادة حوادث السير يُحرك الجهات الأمنية.. دعوات للتشدد وتوعية مجتمعية شاملة مبادرة ترفيهية لرسم البسمة على وجوه نحو 2000 طفل يتيم ذكريات العيد الجميلة في ريف صافيتا تعرض عمال اتصالات طرطوس لحادث انزلاق التربة أثناء عملهم مكافحة زهرة النيل في حماة سوريا والسعودية نحو شراكة اقتصادية أوسع  بمرحلة إعادة الإعمار ماذا يعني" فتح حساب مراسلة "في قطر؟ أراجيح الطفولة.. بين شهقة أم وفقدان أب الشرع في لقاء مع طلاب الجامعات والثانوية: الشباب عماد الإعمار