الثورة أون لاين- جاك وهبه:
تواجه صناعة البناء انخفاضاً بمعدل الانتاجية بمرحلة التشييد إذا ما قورنت بالصناعات الأخرى ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى سوء التخطيط والتنسيق وضعف التواصل بين أطراف المشروع، وبحسب علماء إدارة التشييد إن المشاريع الإنشائية تعتبر مشاريع مقيدة أي أن لها بداية ونهاية محددتان، وفي تلك الفترة المحددة تتعاقد مجموعة من الشركات التي لها أهداف ورؤى مختلفة بشكل مؤقت للحصول على المنتج النهائي وهو المشروع سواء أكان مبنى أم مصنع أم طريق بنية تحتية، ثم تنتهي هذه الشركات مع انتهاء المشروع، وهذه البيئة المشتتة غالباً ما ينتج عنها الكثير من المشاكل والنزاعات قبل وأثناء وبعد تنفيذ المشروع، لذلك كان لا بد من استخدام أنظمة نمذجة معلومات البناء (BIM) لإيجاد حل جذري لهذه القضية وتحسين كفاءة تنفيذ المشاريع وتقليل الهدر وزيادة الانتاجية بأقل تكلفة وبأعلى جودة.
لجنة سورية لـ (BIM)
وبما أن المرحلة القادمة في سورية هي مرحلة الأمل وإعادة الإعمار فكان من الضروري مواكبة هذه التقنيات الحديثة ومواكبة التحول الرقمي المتسارع ليكون لدينا تحول رقمي في عالم صناعة التشييد، لذلك تم إنشاء لجنة خاصة بالابتكار وتوطين التقانات الحديثة (BIM) ضمن نقابة المهندسين، من مهامها التعاون مع وزارة التعليم والوزارات الأخرى المعنية لوضع الخطة الاستراتيجية المتكاملة لتبني البيم في سورية، والتعاون مع الجهات الحكومية المعنية لوضع المواصفات والمعايير الخاصة باستخدام البيم وصولاً إلى الكود السوري للبيم إسوة بباقي الدول، إضافة إلى إشراف اللجنة على إقامة الندوات والمحاضرات والدورات المرتبطة في كافة المحافظات، والعمل على إقامة مؤتمرات دورية للبيم في سورية، وتدريب وتأهيل القطاع العام، كما تستعين نقابة المهندسين بأعضاء اللجنة كمطورين واستشاريين في مجال البيم في المشاريع التي تقوم بها النقابة.
تكنولوجية البيم توفر الوقت والجهد
وبحسب المستشار الدولي لبرامج البيم الدكتور المهندس وهبي معاد الـ (BIM) عبارة عن قاعدة بيانات تضم منظومة البناء بكامل تخصصاتها المعماري والإنشائي والكهربائي والتكييف وغيرها، بهدف ربط كافة التنسيقات الهندسية المختلفة فيما بينها للوصول إلى حل المشكلات التي تواجه المشروع والانتقال بعدها إلى الربط بجدول زمني وحسابات التكلفة مما يوفر الكثير من الوقت والجهد والتكلفة للمشروع نفسه.
الفرق بين (CAD) و (BIM)
بحسب بعض المراجع تمثل تطبيقات BIM و CAD نهجين مختلفين في تصميم المباني وتوثيقها، ولكن مع غزو BIM عالم التّشييد الحديث أصبحت تطبيقات CAD ذات طراز قديم، حيث يستخدم CAD ملفّات ورسومات منفصلة عن بعضها لتوضيح المشروع على غرار الرسومات الورقيّة التقليديّة والتي تحتاج إلى متابعة تغييرات التّصميم وتنفيذها يدويًا بالرسم في CAD، أمّا تطبيقات BIM فهي تحاكي عمليّة البناء الحقيقية الواقعيّة، فبدلًا من إنشاء رسومات من خط ثنائي البعد، يتمّ تصميم المباني من عناصر بناء حقيقية تقريبًا مثل الجدران والنّوافذ والأرضيّات والأسطح والأدراج وغيرها، ما يتيح للمهندسين تصميم المباني بطريقة مماثلة للواقع وتلبية طلبات المالك كما يريد نظرًا لأنه يتمّ تخزين جميع المعلومات في قاعدة نموذج البناء.
البيم يوفر في التكاليف..
المهندس محمد عامر المرادني عضو لجنة الابتكار وتوطين التقانات الحديثة (BIM) أكد أن استخدام تطبيق البيم خلال دورة حياة أي مشروع سواء أكان صناعياً أم تجارياً أم سكنياً أم سياحياً من لحظة اتخاذ قرار البدء به ولغاية تسليمه بما فيه عملية الصيانة يؤدي إلى تحقيق وفر يصل إلى ٣٣% من تكلفة المشروع و١٣% من الهدر إضافة إلى توفير في المدة الزمنية مشيراً إلى أنه كلما كانت بيانات المشروع الرقمية ومعلوماته متوفرة بشكل أكبر من لحظة قرار بدء المشروع لغاية تسليمه يكون هناك كفاءة وأداء للمبنى وعمر تشييدي أفضل وتوفير هدر كبير أثناء الصيانة، فالبيم هو عبارة عن تحول رقمي بصناعة التشييد يعتمد على البيانات والفكر والبرمجيات والكوادر وتسخيرها بشكل كامل أي ضبط العلاقة بين مالك المشروع والدارس والاستشاري المدقق والجهة الراعية والجهة المنفذة والمقاول والجهة المستلمة وممثل المالك إضافة للجهة التي تقوم بصيانة المشروع لاحقاً.
ندوة علمية لتبني البيم في سورية
وبين المرادني أنه وبهدف الانطلاق في عملية تطبيق هذه التكنولوجية الهامة (BIM) في سورية قامت نقابة المهندسين السوريين وجامعة دمشق وبرعاية وزارة الأشغال العامة والإسكان ندوة حوارية حول “التحول الرقمي في صناعة البناء والتشييدـ تكنولوجيا(BIM) بين الواقع والطموح” لتسليط الضوء على واقع (BIM) في سورية ودور وزارة التعليم العالي والجامعات في هذا المجال وعمل اللجنة المركزية للابتكار وتطبيق التقانات الحديثة BIM.
وكانت لنا هذه الوقفة مع آراء العديد من المعنيين والمختصين الذين أكدوا على أهمية تطبيق هذه التكنولوجيا واستخدامها لحل المشكلات التي تعترض عمليات البناء والتشييد وتوفيراً للوقت والجهد والتكاليف
استثمارها في المشاريع القادمة..
بداية وزير الاشغال العامة والاسكان المهندس سهيل عبد اللطيف أكد أنه لا بد من التعريف بتكنولوجيا البيم ومن تسليط الضوء على هذه التقنية الهامة في عملية البناء والتشييد، والى ضرورة العمل بجد لاستثمار هذه التقنيات وتطبيقها على أرض الواقع في المشاريع القادمة.
وإلى أهمية تعليم هذه التقنيات في الجامعات السورية وخاصة لطلاب المرحلة الجامعية الأولى لكي يحصل الطلبة على معلومات كافية في هذا المجال.
خطة استراتيجية..
رئيس اللجنة المركزية للابتكار وتطبيق التقانات الحديثة (BIM) الدكتور سونيا أحمد قال تسعى اللجنة الى تحقيقها كالتعاون مع كافة الجهات والوزارات المعنية لوضع خطة استراتيجية لتطبيق البيم وتشجيع الجهات المعنية بتنفيذ المشاريع والبنى التحية على استخدام تقنية البيم وتشجيع البحث العلمي في هذا المجال.
توطين تقانة البيم..
وأشار الاستاذ في كلية الهندسة المدنية بجامعة البعث ونائب رئيس لجنة البيم في نقابة المهندسي الدكتور المهندس محمد شعبان إلى ضرورة توطين التقانات الحديثة (BIM) خاصة في مرحلة إعادة الإعمار القادمة حيث ستشهد سورية مشاريع ضخمة جداً بكل المقاييس العالمية وبرنامج إعادة اعمار سورية هو أضخم برنامج اعادة اعمار في التاريخ باعتراف خبراء الأمم المتحدة وبالتالي هي فرصة لنتحضر لهذه المرحلة لتوطين هذه التقنيات في سورية بكل أطرافها سواء من مهندسين ومقاولين من مشرفين ومصممين للمشروع.
الاهتمام بالبيم تعليمياً..
الأستاذ في كلية العمارة بجامعة دمشق الدكتور المهندس عبد الرحمن النعسان قال: إن هذا البرنامج أصبح من البرامج المهمة ومن الضروري الاهتمام به تعليمياً في الجامعات السورية إضافة إلى تطبيقه على كل المشاريع التي تتم دراستها للقطاع الحكومي او الخاص.
تعديل القوانين والأنظمة..
وحسب اللجنة المركزية للابتكار وتطبيق التقانات الحديثة (BIM): أكدت على دور الحكومة في تطبيق هذه التقنية الحديثة ومنها تعديل القوانين والأنظمة التي تعوق الانتقال الى مستويات متقدمة من إدخال البيم في صناعة الانشاء في سورية وإصدار قرار حكومي بإلزام الجهات المعنية بتسليم المشاريع (المنشآت الخاصة) والبنى التحتية والأبراج التي تزيد عن ارتفاع معين أو مساحة معينة بتقنية البيم، واستحداث هيئة للبناء الرقمي في سورية وتخصيص ميزانية خاصة بالتحول الرقمي في مجال البناء والتشييد، وتشكيل فريق من الخبراء المختصين من الهيئة الرقمية بالتعاون مع الوزارات المعنية لوضع الخطة الاستراتيجية الخمسية لتطبيق البيم. وتأهيل شركات القطاع العام لبني تقنية البيم.
إدخال البيم في مناهج كليات الهندسة..
وبما يخص وزارة التعليم العالي دعت اللجنة الى ضرورة ادخال البيم في المناهج الدراسية لكليات الهندسة بكافة الاختصاصات وتشجيع البحث العلمي في مجال البيم وتشكيل فريق بحثي مشترك بين الجامعات والقطاع العام والخاص ممن لديه الخبرة والاستعداد للتعاون بهدف تأطير مشاكل سوق العمل ضمن قضايا بحثية والعمل عليها ومراجعة الخطط والمناهج للكليات الهندسية والعمل على توحيدها بما يضمن ادراج البيم وربطه مع التقانات والنظم الأخرى مثل (GIS) ضمن تلك المناهج بشكل علمي صحيح، وكذلك اقتراح دورات تدريبية للطلاب والمدربين في مجال نمذجة البناء وتشكيل فرق لإعداد وتأليف كتب مناسبة للخطة الدرسية المقترحة، واعتماد مفهوم البناء المتكامل كمادة أساسية في الخطة الجديدة تدرس لكافة الاختصاصات الهندسية الأساسية.
إصدار كود البيم..
وبما يتعلق بدور نقابة المهندسين أوصت اللجنة بإعداد دليل استرشادي في مجال البيم ليكون نواة للكود لاحقاً والعمل على اصدار كود البيم بما يتوافق مع التطبيقات العالمية الحديثة وتحديد تعرفة لدراسة ونمذجة المشاريع وفق تقنية البيم ملائمة ووفق درجة تعقيد المشروع، والمساهمة في تدريب ونشر ثقافة البيم ضمن الكوادر الهندسية وتشكيل لجان فرعية في المحافظات واقتراح درجة استشاري في البيم
