الثورة أون لاين – دينا الحمد:
على مدى سنوات الصراع العربي الصهيوني حققت المقاومة العربية للاحتلال الإسرائيلي نجاحات كبيرة، وأحدثت تحولات كبرى في فضاء الصراع، فحررت الأرض ومهدت لاستعادة بقية الأرضي العربية المحتلة في فلسطين والجولان وجنوب لبنان.
واليوم تحتفل المقاومة اللبنانية ومعها دول محور المقاومة بذكرى نصرها على العدو الإسرائيلي في الخامس والعشرين من أيار عام 2000، بعد أن ألحقت به هزيمة مُرّة تجرعها، وحطمت غروره وغطرسته، وبعد أن حاكت أسطورة الصمود بثلاثية الشعب والجيش والمقاومة.
فمن عبق تلك الأيام الميمونة تختزن ذاكرتنا الكثير عن المقاومين الأبطال الذين سطروا أياماً من البطولات لم تك أياماً عابرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، بل كانت حدثا مفصلياً في تاريخ المنطقة أعاد رسم سياساتها وصاغ معادلات جديدة لها.
فقبل أن تفرض المقاومة معادلاتها كان الكيان الإسرائيلي الغاصب يعربد على الأرض اللبنانية، ويمارس منطق القوة والغطرسة التي يمتهنها مع مشغليه في الغرب، لكن الانتصار الكبير الذي تحقق بفضل قوة المقاومة وصمودها وإرادتها قلب الموازين وتم حشر العدو وراء حدوده المزيفة المصطنعة، وفاجأت المقاومة حكام هذا الكيان الغاصب حين استعدت بشكل يفوق كل التوقعات تسليحاً وتدريباً وتكتيكاً.
ومثل هذا الكلام ليس مصدره الرجم بالغيب بل هو حقيقة أقر بها حكام العدو الإسرائيلي قبل غيرهم، فها هو أيهود أولمرت رئيس حكومة العدو الأسبق يعترف أن كيانه تلقى ضربات موجعة وقاسية خلال الحرب على لبنان وأن صواريخ حزب الله كبدته خسائر فادحة وجعلته يدفع الثمن باهظاً.
واليوم يأتي الاحتفال بذكرى انتصار المقاومة اللبنانية متزامناً مع الانتصارات الكبرى لمحور المقاومة على الإرهاب العالمي ومشغليه في أميركا والمنطقة، ومع انطلاقة انتفاضة جديدة في فلسطين المحتلة من نهرها إلى بحرها ضد التوسع الصهيوني والاستيطان والتهجير، ومع نصر سوري مؤزر على التنظيمات المتطرفة وداعميها وتمهيد سورية الطريق لإعادة الإعمار من خلال التمسك بتحقيق الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها، والانتخابات الرئاسية التي ستجري غداً خير برهان على محطاتها.
لقد أرخ تحرير الجنوب اللبناني لمرحلة فاصلة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني وأثبت أن الكيان الصهيوني كيان هش فيه نقاط ضعف كثيرة ساهمت بهزيمته، مثلما يؤرخ النصر السوري على الإرهاب والمحتلين لمرحلة جديدة ستنعكس ليس على المنطقة وحدها بل على المشهد الدولي برمته، من خلال أفول الأحادية القطبية لأميركا وصعود قوى كبرى على منصة المنافسة مثل روسيا والصين ومحور المقاومة، والتي ستلجم كل المخططات الصهيونية والغربية في قادم الأيام، وتضحيات المقاومة وقطفها لثمار انتصاراتها اليوم خير شاهد.