“انتصار السيادة”.. قراءة في السلوك السياسي بعد “عشرية النار” في”الحرب الأخرى”

الثورة أون لاين _ د. مازن سليم خضور:

مع إنجاز الاستحقاق الدستوري والنجاح الكبير الذي حققه من حيث المشاركة الجماهيرية بالرغم من الدعوات لعدم المشاركة بالانتخابات والتشكيك بالنتائج قبل إجرائها، كل هذا يدفعنا للحديث ضمن سلسلة مقالات الحرب الأخرى عن موضوع ” المشاركة السياسية”.
يعد مفهوم المشاركة السياسية أحد المفاهيم التي وجدت اهتمام العديد من المفكرين في مختلف العلوم لما له من مكانة كبيرة في الحياة الاجتماعية من جهة وأيضاً لتداخل هذا المفهوم مع العديد من المفاهيم الأخرى، إن مفهوم المشاركة يقوم على الاعتراف بالحقوق المتساوية للجماعات والأفراد على السواء، وعلى الاعتراف بالآخر واعتباره متكافئاً ومتساوياً مع جميع نظرائه بصرف النظر عن الجنس أو الدين أو العرق او النوع الاجتماعي.
المشاركة السياسية عند صامويل هنتنجتون وجون نلسون ذلك النشاط الذي يقوم به المواطنون العاديون بقصد التأثير في عملية صنع القرار الحكومي، سواء أكان هذا النشاط فردياً أم جماعياً، منظماً أو عفوياً، متواصلاً أو متقطعاً، سلمياً أم عنيفاً، شرعياً أم غير شرعي، فعالاً أم غير فعال .
تعد المشاركة السياسية أيضا أحد الأبعاد المهمة لتحديد السلوك السياسي للأفراد كما أنها أحد المحاور الأساسية في مجال اهتمام علم السياسة والعلوم الاجتماعية وتتفق الدراسات على ضرورة تأكيد الدور الإيجابي للفرد في الحياة السياسية من خلال مجموعة من الحقوق والواجبات من حق الترشح أو التصويت أي انتخابات كانت سواء برلمانية أم رئاسية أم حزبية كذلك الاهتمام بالقضايا والأمور السياسية ومناقشتها مع الآخرين أو العضوية في المنظمات والأحزاب وغيرها .

تعريف للمشاركة السياسية “هي المشاركة في صنع القرار السياسي والإداري والتحكم في الموارد على كافة المستويات المشاركة السياسية هي سلوك مباشر او غير مباشر يلعب بمقتضاه الفرد دوراً في الحياة السياسية لمجتمعه بهدف التأثير في عملية صنع القرار ، وهي من آليات الديمقراطية في المجتمع التي تتيح إعادة تركيب بنية المجتمع ونظام السلطة فيه لذلك هي أساس الديمقراطية وتعبير عن سيادة الشعب ، وترتبط المشاركة السياسية بالاهتمام بالشأن العام وبمشاركة المواطنين والمواطنات في إنجازه، وبالتالي فهي تعبير للمواطنة ويجب ان تقوم على الحقوق المتساوية للجماعات وللنساء وللرجال على قدم المساواة وبإمكانية التمتع وممارسة هذه الحقوق”.
وبالتالي المشاركة السياسية هي مجموعة عوامل مختلفة منها اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي وحتى سياسي وعوامل أخرى تؤثر وتتأثر بهذا الموضوع فهي مبدأ ديمقراطي تقوم على المواطنة من جهة والمساواة في الحقوق والواجبات من جهة أخرى .
تمر المشاركة السياسية بدرجات أو مراحل مختلفة تبدأ بالاهتمام بالشأن العام أو السياسي أي الاهتمام أو متابعة القضايا العامة وعلى فترات مختلفة ثم تتطور إلى الانخراط السياسي والمعرفة السياسية أي المعرفة بالشخصيات ذات الدور السياسي في المجتمع سواء المحلى أم الوطني أم الإقليمي وتنتقل إلى القيام بأنشطة سياسية تتمثل في المشاركة بالحملات الانتخابية سواء بالدعم المادي أم بالمشاركة بالتصويت وتقديم الشكاوى والاشتراك في الأحزاب والمنظمات إلى أن تنتهي بالوعي بضرورة تحمل المسؤوليات السياسية وتعاطي النشاطات السياسية وكل أشكال العمل والنضال السياسي.
وهناك مجموعة من الخصائص للمشاركة السياسية منها الفعل أي الحركة النشطة للجماهير في اتجاه تحقيق هدف معين كذلك الاختيار أي إبعاد المصالح الشخصية وبالتالي تغليب المصلحة العامة ودعمها، في حالة تعارضها مع المصلحة الخاصة كذلك التطوع بمعنى أن تتم جهود المواطنين طواعية وشعورهم بدافع المسؤولية الجماعية تجاه القضايا التي تهم مجتمعهم.
للمشاركة السياسية صور وأشكال عديدة منها الانضمام إلى جماعات المصلحة أو منظمات المجتمع المدني والتصويت في الانتخابات والذي يجب أن يكون مسبوقا بالتسجيل في اللوائح الانتخابية كذلك الاهتمام بمتابعة الأمور السياسية والمشاركة في الحملات الانتخابية سواء بالدعاية ام بالمال كذلك الأمر بحضور الندوات والمؤتمرات السياسية.
و المناقشات السياسية وإبداء الآراء فيها سواء بالمعارضة أم بالموافقة او الانخراط في عضوية الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني بالإضافة إلى تقلد أو الترشيح لمنصب سياسي أو إداري مهم.
كذلك هناك مجموعة من المعوقات التي تحول دون المشاركة السياسية في المجتمعات العربية أهمها المعوقات القانونية منها القوانين الانتخابية والدساتير وهناك المعوقات الاجتماعية – الثقافية كالموروث الثقافي والعادات والتقاليد وهيمنة العقلية القبلية والعشائرية والطائفية أما المعوقات الاقتصادية تتعلق بانتشار الفقر والبطالة.

وفي الحالة السورية وتحديداً في الوضع الحالي هناك معوقات أخرى مثل منع الدول “تدعي الديمقراطية” المواطنين السوريين من المشاركة في الانتخابات على أراضيها كألمانيا وتركيا وبريطانيا والاعتداء من قبل مجموعات “عصابات” على مواطنين سوريين حاولوا الوصول إلى سفارات بلادهم لممارسة حقهم الدستوري كما حصل في لبنان ، ومن المعوقات أيضاً وجود مناطق تحت سيطرة إما الاحتلال الأميركي أو التركي أو الإسرائيلي والتي منعت المشاركة أو قيام الانتخابات أو منعت حصولها وهناك مناطق تحت سيطرة تنظيمات إرهابية وانفصالية قامت بمنع المواطنين من حقهم الدستوري.
المشاركة السياسية لها أهداف وعند تطبيقها يتم إنجاز هذه الأهداف ومنها تنمية هوية الفرد المستقلة وتطوير قدراته ومدركاته الخاصة وتهيئة المناخ الملائم لصياغة القرار أو تطوير الثقافة السياسية الجديدة والمشاركة في اتخاذ القرارات وصنع الأحداث ونقل الثقافة السياسية السائدة في المجتمع من جيل إلى جيل، كل هذا يؤدي إلى ترسيخ مبادئ الديمقراطية في السلوك العادي للمواطن.
هذا تجسد في الانتخابات الرئاسية السورية من حيث تعدد المرشحين وعدد المقترعين والنسبة العالية في المشاركة علماً أن
وزير الداخلية اللواء محمد الرحمون بين أن كل من أتم الـ 18 من عمره بتاريخ 26 أيار الجاري يحق له الانتخاب وبالتالي من يحق لهم الانتخاب بلغ /18.107.109/ ثمانية عشر مليوناً ومئة وسبعة آلاف ومئة وتسعة مواطنين داخل سورية وخارجها وتم إحداث /12.102/ اثنا عشر ألفاً ومئة واثنان مركز انتخابٍ في كافة المحافظات السورية.
تعد المشاركة السياسية من المؤشرات الدالة على نضج المجتمع سياسياً وثقافياً ، فارتفاع نسبة المشاركة في مجتمع ما يدل على تقدمه ووعيه بحقوقه السياسية ، كما يدل على مستوى عالٍ من الثقافة السياسية. والمشاركة وهذا تحسد في الانتخابات الأخيرة.
حيث أعلن رئيس مجلس الشعب السيد حمودة صباغ في مؤتمر صحفي فوز السيد الدكتور بشار الأسد بمنصب رئيس الجمهورية العربية السورية بحصوله على الأغلبية المطلقة من أصوات الناخبين بنسبة 95.1 بالمئة من عدد الأصوات.
وقال السيد رئيس المجلس في مؤتمر صحفي: إن السيد الدكتور بشار الأسد حصل على 13 مليوناً و540 ألفاً و 860 صوتاً بنسبة 95,1 بالمئة من عدد الأصوات الصحيحة.
وبين رئيس المجلس أنه بلغ عدد من أدلى بصوته في الداخل والخارج 14 مليوناً و239 ألفاً و140 ناخباً بنسبة 64,78 بالمئة.
إن المشاركة الكبيرة في هذه الانتخابات في ظل الظروف المجتمعية التي يعيشها الشعب السوري أعطى رسالة لكل المشككين سواء بهذه الانتخابات من جهة أم الخيارات والتحالفات من جهة ثانية ورسالة إلى ما يتمتع به هذا المجتمع من وعي وإدراك لحقوقه وواجباته من الناحية السياسية، وهو ماقاله الفائز في الانتخابات الرئاسية الدكتور بشار الأسد بإن هذا الاستحقاق وهذا الرد الشعبي الذي نراه هو تأكيد على أن المواطن السوري حر.. قرار المواطن السوري بيد ذلك المواطن.. بيد الشعب.. ليس بيد أي جهة أخرى..”

آخر الأخبار
توقيع عقود تصديرية.. على هامش فعاليات "خان الحرير- موتكس"     تشكيلة سلعية وأسعار مخفضة.. افتتاح مهرجان التسوق في جبلة السياحة تشارك في مؤتمر “ريادة التعليم العالي في سوريا بعد الثورة” بإستطاعة 100ميغا.. محطة للطاقة المتجددة في المنطقة الوسطى "خان الحرير - موتكس".. دمشق وحلب تنسجان مجداً لصناعة النسيج الرئيس الشرع أمام قمة الدوحة: سوريا تقف إلى جانب قطر امتحان موحد.. "التربية" تمهّد لانتقاء مشرفين يواكبون تحديات التعليم خبير مالي يقدم رؤيته لمراجعة مذكرات التفاهم الاستثمارية أردوغان: إســرائيل تجر المنطقة للفوضى وعدم الاستقرار الرئيس الشرع يلتقي الأمير محمد بن سلمان في الدوحة قمة "سفير" ترسم ملامح التعليم العالي الجديد خدمات علاجية مجانية  لمرضى الأورام في درعا الرئيس الشرع يلتقي الشيخ تميم في الدوحة الشيخ تميم: العدوان الإسرائيلي على الدوحة غادر.. ومخططات تقسيم سوريا لن تمر الحبتور: الرئيس الشرع يمتلك العزيمة لتحويل المستحيل إلى ممكن فيصل القاسم يكشف استغلال "حزب الله" وجهات مرتبطة به لمحنة محافظة السويداء ضبط أسلحة وذخائر معدّة للتهريب بريف دمشق سرمدا تحتفي بحفّاظ القرآن ومجودي التلاوة تنظيم استخدام الدراجات النارية غير المرخّصة بدرعا مطاحن حلب تتجدد بالتقنية التركية