الثورة أون لاين – حلب – جهاد اصطيف :
عادة ما تتحول البيوت في حلب إلى ورشات عمل حقيقية خلال مواسم المؤونة السنوية باعتبارها تقليداً متوارثاً وتحظى بأهمية كبيرة لدى أغلبية الأسر ليس في حلب فحسب بل في جميع المحافظات السورية.
ورغم ارتفاع أسعار الخضراوات و الفواكه التي يعتمد عليها في تجهيز المؤونة لأسباب متعددة، إلا أن الكثير من الأسر لا تزال تحافظ على مؤونة الأساسيات منها والمتوافرة في الأسواق خلال هذه الفترة مثل البازلاء وورق العنب والثوم والأرضي شوكي وسواها، وكذلك اللجوء إلى صناعة المربيات بأنواعها (المشمش والورد والكرز الفريز والقرع) وغيرها.
وخلال جولة في سوق باب جنان بحلب رصدت “الثورة أون لاين” الواقع والأسعار حيث تراوحت أسعار البازلاء المفروط للكيلو غرام الواحد حالياً بين ٧٥٠٠ – ٨٠٠٠ ليرة والأرضي شوكي المقشر فيتراوح سعر القطعة المقشرة بين ١٥٠ – ٣٠٠ ليرة، أما ورق العنب البلدي فيتراوح سعر الكيلوغرام منه بين ٢٠٠٠ و٣٠٠٠ ليرة والفرنسي أكثر من ٢٠٠٠ ليرة والثوم بين ١٥٠٠ و٢٥٠٠ ليرة سورية.
أما أسعار الفواكه، فالمشمش يتراوح سعره بين ١٥٠٠ و٣٠٠٠ ليرة حسب نوعيته وجودته والكرز أكثر من ٣٠٠٠ ليرة والفريز بين ١٥٠٠ و٢٠٠٠ ليرة.
• آراء المواطنين ..
ولدى رصد آراء بعض الأسر فقد أوضحت السيدة “أم محمد” – موظفة أنها تحرص قدر الإمكان على شراء نفس كمية المؤونة رغم تقلب أسعارها وارتفاعها في كل عام لكونها تخفف قدرا كبيرا من المصاريف خلال فصل الشتاء.
من جهته قال “ياسين” أنه نتيجة الارتفاع الجنوني لأسعار مواد المؤونة هذا العام فقد اقتصرت على نصف الكمية التي كنت أقتنيها بالأحوال العادية، مشيراً إلى أن سعر كيلوغرام البازلاء السنة الماضية على سبيل المثال كان بحد أقصى ١٠٠٠ ليرة والآن وصل سعر الكيلو إلى أكثر من ٧٠٠٠ ليرة سورية وقس على ذلك بقية الأصناف.
بدورها السيدة “أم حسين” أشارت إلى أنها رغم غلاء الأسعار فهي تحرص على شراء النوعية الجيدة منها ولو بالحد الأدنى كونها اعتادت على ذلك منذ عشرات السنين.
وبينت ربة المنزل السيدة “أم جمعة” أنها كغيرها من ربات البيوت اللاتي ورثن ثقافة المؤونة التي لا يمكن الاستغناء عنها كسمة مميزة لكل بيت خاصة في حلب ما يوفر نوعا ما حسب رأيها من المواد الغذائية وبالتالي التخفيف من شراء هذه المواد في غير مواسمها باعتبارها تكون مرتفعة الثمن أكثر مما هي عليه الآن.
أما السيدة “أم جميل” فكان رأيها مغايراً وهي كما تقول: لم تلجأ هذه السنة لوضع المؤونة في الثلاجة مثل أيام زمان لعدة أسباب منها غلاء الأسعار ومنها عدم توفر التيار الكهربائي والانقطاع المتكرر له، فيما اختارت جارتها السيدة “أم عبدو” التوجه إلى خيار “التجفيف” للحفاظ على المؤونة التي لا يمكنها الاستغناء عنها.
• موقف الباعة وآراؤهم
في المشهد الآخر نجد أن بعض البائعين غالبا ما يلجؤون الى الربح القليل ليكون البيع أكبر وفق ما أكده البائع “أبو حمود” الذي بين أنه يبيع جميع خضار المؤونة لديه بربح لا يتجاوز الـ ٢٠٠ ليرة ليحقق بيعا أكبر وخاصة في حال كانت الكمية المباعة كبيرة للمطاعم أو غيرها.
فيما نرى أن معظم الباعة لا يراعون هذه الناحية فهم يلجؤون عادة إلى رفع السعر بشكل مضاعف ويقللون السعر كلما مر وقت من النهار أو يتعاملون مع الوضع حسب الإقبال من عدمه وهكذا.
البائع ” أبو عبدو” في حي صلاح الدين على سبيل المثال لا يقبل بهامش ربح معقول وتجد أسعاره دائما مرتفعة عن أقرانه مبررا ذلك بأنه يدفع أجورا عالية لقاء المحل الذي استأجره رغم أن الحي يعد من الأحياء الشعبية، وكذلك ثمن الأكياس المرتفع وأجور النقل وغيرها الكثير من المبررات، ومع ذلك يقول إن محله يعمل ويكسب قوت يومه.
فيما لم يتوقع “سالم” وهو صاحب متجر لبيع الخضراوات أيضا إقبالا كبيرا على شراء أغراض المؤونة، و السبب بحسب رأيه هو الغلاء الكبير بالتأكيد، فالناس هنا لم تعد تملك القدرة الشرائية كما في السنوات الماضية حين كان موسم المؤونة يجلب البهجة ليس فقط للمواطن بل للبائع والتاجر على حد سواء، على عكس اليوم حيث لم يعد بمقدور الأسرة أن تعيش لآخر الشهر بدون استدانة، فكيف ستتمكن من تجهيز المؤونة؟.
وكانت الأسرة في حلب في الماضي كما كل الأسر في سورية، تنظر للمؤونة على أنها جزء لا يتجزأ من ثقافتهم وتراثهم وأحد التفاصيل المهمة في حياتهم، أما اليوم فكل شيء قد تغير لأن الحرب الظالمة التي شنت على سورية أخذت معها حتى مجرد التفكير بتجهيز المؤونة.
• ويبقى السؤال ..
أمام ذلك كله نعود لنطرح السؤال المعتاد هل تبقى الأسر في سورية عامة وفي حلب خاصة محافظة على تقاليدها في توضيب المؤونة مثل كل عام أم إن لهذا العام ترتيب آخر بسبب غلاء الأسعار؟!