هو تسلق القمم السياسية.. قد يكون الأكثر مشقة لأردوغان الذي يحاول الهروب من المنحدر السياسي مع الرئيس الأميركي بايدن إلى القمة التركية الأميركية في بروكسل على هامش اجتماعات الناتو ..
في الطريق إلى اللقاء مع بايدن يبتلع أردوغان السكين الأميركية بحدي الاعتراف بالمجازر التركية للأرمن والدلال السياسي والعسكري للأدوات الأميركية في سورية (قسد)على حساب الفزع التركي والتأنيب الدائم للسلطان العثماني من البيت الأبيض ووصفه بالديكتاتور العثماني ومعاقبته على شراء s400 من روسيا وخروجه عن أعراف حلف الناتو.
لم يكن تسلُّم تركيا لمنظومة “إس-400” الروسية في عام 2019 حدثاً عادياً فقد فعلها أردوغان دونما حسابات لكسر القواعد العسكرية في الناتو وشراء منظومة أسلحة متطورة من روسيا معتقداً أن اللعب على الحبال بين موسكو وواشنطن أكثر ربحاً من البقاء تحت مظلة الناتو التي قد تحميه عسكرياً، لكنها لن تجلب له الحظ السياسي بدخول الاتحاد الأوروبي أو حتى باللعب على التناقضات لتحقيق أحلامه العثمانية.
لذلك وأكثر يحمل أردوغان في تسلقه للقمة مع بايدن الذي لايظهر الود له الكثير من الأثقال السياسية ويبتلع لسانه الإعلامي وكل التصريحات التي اعتدنا أن يتبختر السلطان ويفرد ريش طاووسه العثماني فوقها.. متحدثاً عن تدخل الولايات الأميركية في شؤونه الداخلية ومتحدياً تحذيرات الاتحاد الأوروبي لوقف التنقيب عن الغاز..
فهو أي أردوغان كعادته حتى مع نظيره الروسي سيبدي كلّ الطاعة لبايدن ويعلن تشبثه بالناتو ويحلف الأيمان أن القصد من حيازته للأسلحة الروسية بريء لايرتقي لدرجة الميل إلى تشكيل تحالف تركي روسي إيراني في المنطقة، والدليل أنه تعهد الإرهابيين في إدلب وبات القائد الأعلى باسمهم ليجلس إلى البازار السياسي مابين الدول في كلّ طاولة سياسية تخصّ الإرهاب، طالما أنه الناطق السياسي باسمهم ولديه الحق في بيعهم في سوق نخاسة المرتزقة أو الشراء بورقتهم أي موقف غربي لصالحه.. الهدف ربحي لأردوغان على صعيد المنطقة ولكنه يعرف أنه لايستطيع الخروج عن الطاعة الأميركة ولاتناسبة السياسة الروسية الصديقة للشعوب.. سيأخذ أردوغان الوضعية الأكثر (انبطاحية)أمام بايدن خاصة فيما يخص الوضع في سورية.. وخاصة أيضاً أن قمة بايدن وبوتين على بعد أيام ويبدو أن ملف المعابر والحدود والمساعدات في سورية يهيأ في البيت الأبيض لتدخل منه واشنطن وتخرج في هذه القمة الروسية الأميركية دونما أن يحرك بايدن حجراً سياسياً واحداً، فالمماطلة في الحلول السياسية لسورية هو حل أميركي تكتيكي ريثما ينضج تطور جديد يخدم واشنطن وموقفه المحرج في سورية، ويضمن رضا اسرائيل خاصة أن وزير الخارجية الأميركي بلينكن قال إن الاعتراف الأميركي بسيطرة اسرائيل على الجولان سيبقى طالما أن التصعيد في سورية قائم.. لذلك يهرب بايدن إلى ملف تمديد الترخيص للمعابر الحدودية في سورية، ولذلك قد يجلس أردوغان تحت قدميه قبل أن يطرح بايدن فتح المعابر التي ستأتي منها رياح كردية خاصة مع شمال العراق.
فأردوغان يريد أن يسدّ هذا الباب ويستريح !! وهو الأعلم أن من هذه المعابر لايمرّ حليب الأطفال والحنان الأممي بقدر ماتمر شاحنات الأسلحة والمرتزقة ونهب النفط والقمح.
من نبض الحدث – عزة شتيوي