بدا قوياً حين استمعت إلى تسجيل يخصّها، اختزل الزمن مدة عشر سنوات..
صوت الماضي بدا قوياً وحنوناً بالآن عينه.
تجربة مغوية أن تستمع إلى نفسك عائداً مما فات ومضى.
وتعبُرُك تساؤلات عن مقدار تغيّراتٍ مررت بها، وعن ماهية ذكرياتٍ يُفترض أنها تخصّك وتعنيك، فتختصر حياتك..
هل تتغير ذكرياتنا حين تكون قادمة من أزمنة عادية، عنها حين يكون مصدرها أزمنة أزماتٍ وحروب..؟!
تبتسم حين تتذكر الفتاة التي كانتها قبل عشر سنوات. يفاجئها أن تتمعّن بصورتها ماثلة أمام عينيها هكذا ضمن إجاباتها عن أسئلة محاورتها، في أحد البرامج الإذاعية..
وكأنها تعيد تشكيل “بروفايل ذاتي” من قطع فسيفساء تُلقى أمام نظرها للمرة الأولى..
للمرة الأولى..!!
ثمة فاصلٌ زمني يجعلها تتأمّل تلك الفتاة، عن بعد..
الغريب أن صيغة الماضي تتناسب وتلك الهيئة التي كانت عليها، صيغة برّاقة.. جذّابة.. ومحبّبة.
لا يعني الأمر أنها تغيرت، فقناعاتها لم تزل ذاتها..
وتدرك تماماً أنها مجرد صورة سابقة عنها “نسخة” ربما تم تعديلها عن نسختها الحالية..
فجذوة الحياة داخلها لم تزل في أوج اتقادها..
وهجها لم ينطفئ أو يخفّ..
لكن شيئاً ما لم تستطع تحديده يبدو مختلفاً بين الآن والأمس.. وكأن شحنة الاندفاعات تمّت معالجتها وفق وصفة “الانتظار”، انتظار أن تمضي بشاعة الحرب وذيولها..
أيجوز أنه بفعل الانتظار أصبح شغفنا وعشقنا للحياة أضعافاً مضاعفة..
وسلسلة الأحلام ازداد طولها..؟!
كل شيء يبدو بفعل “اللامتوقع” و”اللامنتظر”، أكثر بهاءً وجاذبية.
فعيش الأزمات، هو واحد في كل زمان ومكان.. ربما اختلفت أساليب التلقي والتعاطي معها، لكن فطرة الإنسان داخلنا هي ذاتها، يختصرها عالم الاجتماع (إدغار موران) حين يقول: “تجعلنا الأزمة أكثر جنوناً وأكثر حكمة. شيء وآخر. يفقد الكثير من الناس صوابهم بينما يصحو آخرون”..
ومع أننا نحيا ونحن ندرك حقيقة نمو يقينيات داخلنا، يُفترض بنا وعلى رأي موران “أن نتعلم العيش مع اللايقين، أن تكون لنا شجاعة المواجهة، والاستعداد لمقاومة القوى السلبية”.
رؤية – لميس علي