كم كذبت أميركا على العالم وهي تقول إن طائراتها تلقي بالمساعدات الإنسانية “فوق رؤوس” الأفغان والعراقيين والسوريين وغيرهم، وهي في الحقيقة تمطرهم بقنابلها، كم قتلت من قرويي أفغانستان البسطاء باسم مطاردة طالبان والقاعدة، وباسم الخطأ غير المقصود؟.
كم رفعت شعارات “العدالة الدولية” و”الحرية” و”حقوق الإنسان” وهي التي انتهكت حقوقه في أرجاء المعمورة كلها، بل وانتهكت حقوق مواطنيها أنفسهم قبل غيرهم، وكم تحدثت عن حرية الشعوب وهي لا تستخدم مع البشرية إلا لغة العنف والديكتاتورية والغزو والحروب ونهب الثروات؟.
كم تحدثت عن ضرورة عودة حقوق الشعب الفلسطيني وهي لم تترك وسيلة إلا واستعملتها لنسف تلك الحقوق وتشريد هذا الشعب والاعتراف بسيادة الكيان الإسرائيلي المزعومة على أرض فلسطين؟.
كم تحدثت عن الحل السياسي لهذه الأزمة أو تلك ولم تشرع إلا العدوان والحروب وتعميم سياسات البلطجة والعجرفة والغطرسة والتدخل السافر في شؤون الآخرين؟.. كم دعاها العالم للإنصات لصوت العقل والحكمة وعدم السير الأعمى بنهج التوحش، ولم تتحرك في طول العالم وعرضه إلا كقطاع الطرق والعصابات والتنظيمات المتطرفة؟.
كم أصدرت التقارير المزعومة عن حالة حقوق الإنسان في العالم، تحدد فيه الدول التي انتهكت على حد زعمها “حقوق الإنسان”، فيما هي الدولة رقم واحد التي تنتهك حقوق الإنسان وتدوس عليها؟.
كم تحدثت عن رفضها للعنصرية وهي التي خنقت “جورج فلويد” لأنه أسود، وقتلت المهاجرين إليها لأنهم ليسوا من “جينات” العم سام، وكم كتب متطرفوها على واجهات محلاتهم “ممنوع دخول الكلاب والسود والأجانب والمسلمين” وغيرها من العبارات العنصرية ثم تباهوا بأنهم المسالمون المحبون للآخرين؟.
اليوم تعود أميركا للكذب الذي اعتادت أن تتنفسه صباح مساء، فتتحدث عن الوضع الإنساني في سورية وكأنه هاجسها، مع أنها كانت رقم واحد في قتل السوريين وتهجيرهم وإفلات كل متطرفي الأرض لقتلهم.
اليوم تعود لتسييس موضوع المساعدات الإنسانية لتمرير أجنداتها ومنع عودة المعابر لسيادة الدولة السورية، فتستنفر مجلس الأمن الدولي لإبقاء الوضع في معبر “باب الهوى” تحديداً على ما هو عليه تحت سيطرة إرهابييها، وتستنفر العالم كله بحجتها المزعومة بأنها تريد إيصال المساعدات لثلاثة ملايين سوري في محافظة إدلب وهي في الحقيقة تتاجر بمأساة هؤلاء السوريين الذين كانوا ضحية إرهابها، وتحاول من خلال تلك المتاجرة إبقاء شريان السلاح والعتاد يجري في شرايين تنظيماتها الإرهابية هناك.
من نبض الحدث – بقلم مدير التحرير أحمد حمادة