الثورة أون لاين – لميس علي:
(ذواتٌ حائرة)، العبارة التي من الممكن أن تخطر على بالك لدى متابعتك لبعض الفنانين في حوارات تلفزيونية.
وعلى الرغم من ظهور حالة عفوية وتلقائية، تعبّر عن شخصية البعض، للحظات، إلا أن الصفة الأكثر حضوراً في الأعم الأغلب هي “التصنّع”..
كيف يتعرف ذوو فن، التمثيل تحديداً، على أنفسهم حين يغرقون في التصنّع..؟!
في حوارٍ جرى منذ أيام على قناة أبو ظبي مع الممثلة كاريس بشار، ضمن برنامج (هذا أنا) تسألها المقدمة ندى الشيباني عن عمليات التجميل المبالغ بها التي تقوم بها الفنانات، يأتي جواب بشار: إن الأمر بالنسبة لها غير واضح، فهل وجهها ملك لها أم للمتفرج..
ويبدو أن سندريلا الدراما السورية، كما لُقبت مؤخراً، لا تدري أن وجهها ملك لمهنة التمثيل، قبل أي أحد أو شيء آخر..
ثم تلقي باللوم على المخرج أو المنتج باختيار ممثلة غير مناسبة بسبب زيادة عمليات التجميل في وجهها وبالتالي إعاقة صدقية الأداء.
في هذا اللقاء تحديداً بدت بشار ذات وجه خرج للتو من عملية شد (تازا)، ثم تأتي لتتحدث عن صدقية أداء.
وكأن غالبية الفنانات في العالم العربي لا ينظرن إلى أنفسهن جيداً لدى ظهورهن ضيفات في حوارات تلفزيونية ولا يتنبّهن لكم التصنّع الفاقع والنافر من أحاديثهن.
صحيح أن البعض منهن تطغى عفويتها صفة بارزة لدى حضورها في أي مناسبة ولو لدقائق محدودة، كما في حضور صفاء سلطان في (بيت القصيد، الميادين) لكن تلك الدقائق التلقائية لم تمنعها من تكرار كلمة “أنا” بطريقة جعلتها الكلمة الأكثر حضوراً في الحوار كله..
مع أنها هي ذاتها انتقدت عالم السوشال ميديا، وذكرت أنهم حتى هم أنفسهم أي الفنانين، إذا لم يبقوا “أونلاين” طوال الوقت ربما وقعوا في النسيان.
وبعيداً عن النسيان خارج السوشال ميديا، ما تفعله وسائل التواصل الحديثة أنها تقدم نماذجها الفنية بحالة أقرب للكمال..
أنت كمتابع لهم على مختلف التطبيقات لا تراهم إلا بأحلى إطلالة.. وبالتالي لاشعورياً تبحث عن الكمال والجمال، لكن للأسف “المصطنع” طوال الوقت ودون أن تعي الأمر.
الانتشار الأكثر من سائد لوسائل التواصل الحديثة والاستخدام المكرّس لها بمختلف أشكاله، جعلنا على تماس دائم مع أجهزتنا الذكية أكثر من أي نشاط آخر خارجها..
هل تجعلنا أنصاف آلة، أم أشباه آدميين..؟!
فالعين اعتادت مشاهدة الجمال السائد بمنطق انتشارهم، أولئك أبطال السوشال ميديا، وبالتالي أصبحت رؤية الطبيعي هي الشيء غير المعتاد..
وهي حالة أول من تنطلي عليه وتجعله أسيرها هم الفنانون.. دون أن يتنبهوا إلى أن تصنّعهم يأتي مضاعفاً “دوبل” يعني.. بصرياً/ تجميلياً، وحضوراً كلامياً.
في مسلسل “تشيللو” يطلب (تيمور تاج الدين، تيم حسن)، من مخرجة الأفلام الوثائقية التي ترغب بصناعة فيلم عنه، أن يبدو الفيلم عفوياً وطبيعياً، لتردّ عليه أنها طريقة عملها، ليعود يوضح لها أنه يريد أن “يظهر” عفوياً لكن ليس عفوياً..
وهي الوصفة التي يتوه عنها الكثير من الفنانين بظهوراتهم الميدوية في العالم العربي، بينما يطبّقها الفنانون الغربيون بكامل الجاذبية.