الملحق الثقافي:ثراء الرومي:
كلّما تنفّسَ صباحٌ، أزهر في القلبِ أملٌ وأورقَتْ أمنيات.. كم أفرح حين أتقاسم تباشير الفجر مع عصافيرٍ تسعى وأشاركها السّعي، من وراء شاشةٍ ولوحةِ مفاتيحٍ، أجمع عبرهما كسراتِ حلمٍ أزرقَ يتطلّبُ منّي صحوةً دائمة.
كيف لا، وأنا أسابق الزّمن لأترك بصمة إبداعٍ هنا وأخرى هناك.. ولعلّ أحد الحوافز التي تحدو بي إلى مضاعفةِ الجهود، حاجتي لإنهاءِ كتابٍ مُدرَجٍ في خطّة التّرجمة من جهة، ورغبتي الملحّة في اللّحاق بركب المسابقات الإبداعيّة التي تطلقها وزارة الثّقافة السّوريّة مشكورةً، والتي يبدأ العدّ التّنازليّ للتّقدّم إليها، مع اقتراب الثّلث الأخير من كلّ عام.
إنّها تظاهرة ثقافيّة يجدر الوقوفُ عندها، لأنّ تبنّي الوزارة نشر الأعمال الفائزة، يعدّ فرصة لتسليطِ الضّوء على الإبداعات الخلّاقة، وتكريمها بجوائزَ تقديريّة، فضلاً عن منحها جوازَ سفرٍ إلى عالمِ النّشر الذي عزّ الولوج إليه، في ظلّ ظروف الطّباعة الرّاهنة، التي تجعل الأمر شبه مستحيلٍ بالنّسبة للأفراد.
وتضطلع هيئة الكتاب السّوريّة، بدورٍ فعّال ومثمر في هذا الصّدد، عبر دعم هذه الطّاقات الخلّاقة وتوظيفها في مكانها الأمثل، وذلك بإطلاقِ خطّة التّرجمة التي يُصار من خلالها، إلى ترجمة عددٍ لا يستهان به من الكتب القيّمة، من لغاتٍ شتّى إلى اللّغة العربيّة، عدا عن إطلاق ندوة التّرجمة، التي يتنادى إليها الباحثون، فيُغنون أفكارها لتساهم كلّ عامٍ، في مدّ جسورِ تواصلٍ تنير الطّريق لفهم ثقافة الآخر ونقلها بالطريقة الأمثل، يداً بيد مع تعزيز لغتنا العربيّة الأمّ.
كما لا يخفى على أحدٍ، دور السّلاسل الإبداعيّة والدّوريّات التي تصدرها الهيئة، وخصوصاً ما يتوجّه منها إلى عمر الطفولة المبكّر، كمجلّة «شامة» وما يتوجّه إلى عمر الطّفولة الذي يليه، كمجلّة «أسامة» التي رسمت ملامح وعينا وثقافتنا كأطفال، فهاتان المجلّتان تشكّلان صمّام الأمان، للأهل الذين يبحثون عن سبل اجتذاب أطفالهم، إلى عالم القراءة والرّسم والإبداع.. فما تضمّه دفّتا كلّ منهما، يشكّل إرثاً لغويّاً وفنّيّاً وثقافيّاً، يغني ذائقة أطفالنا ويوسّع مداركهم اللّغويّة، وآفاق تخيّلاتهم لتقدّما غايتهما المنشودة، عبر أسلوبٍ سلسٍ يتناسب مع هذه الأعمار الغضّة.. كما أنّهما تفتحان بوّابة عالم الإبداع، عبر ما تتيحانه من فرصِ النّشر على صفحاتهما، بالنّسبة للأطفال الموهوبين، جنباً إلى جنب مع كتّاب وشعراء الأطفال والمترجمين.
ولن ننسى الفعّاليّات الثّقافيّة المتنوّعة، التي تقع على عاتقِ المراكز الثّقافيّة المنتشرة في المدن السّوريّة والأرياف، والتي تسعى لتعزيز دور قراءة الكتب والدّوريّات الصّادرة عن هيئة الكتاب، وعن اتّحاد الكتّاب العرب، فضلاً عن معارض الكتاب الدّوريّة، التي تُتيح لعشّاق المطالعة اقتناء الكتب بأسعار رمزيّة جدّاً.
إنّها حلقة كاملة من العطاء والإبداع، تترجم شعار المرحلة القادمة الذي طرحه السّيّد الرّئيس الدّكتور بشار الأسد: «الأمل بالعمل»، فعسى القيّمين على هذه المفاصل الإبداعية الرّئيسة، يكونون على قدرِ الواجب والمسؤوليّة التي ستنهض بسوريّتنا الغالية، وعسى الأيدي تتشابك لتحقيق إنجازاتٍ نوعيّة في هذا المجال.. فالحاجة ملحّةٌ في هذه المرحلة، لمواجهة البطالة المقنّعة، وما يرافقها من تعطيلٍ للعمل والإبداع.
من حقّ هذه الأجيالِ علينا، أن نغرس في نفوسها حبّ القراءة وشغف الثّقافة، مهما ساءت ظروفنا وأحوالنا، لأنّ ذلك ينتج جيلاً منفتحاً سويّاً، ولعلّ أنسب مقترح لتعزيز كلّ هذا، نشر ثقافة الكتاب المُهدى، وجعل القراءة أجمل ما نكافئ به أطفالنا مادّياً ومعنويّاً، وبهذا نضمن بناء مجتمع صحّيّ، لا تزعزعه عواصفٌ أو رعود.
إنّها مهمّة وطنيّة جوهريّةٌ، يتشارك في مسؤوليّتها الوالدان والكادر التّدريسيّ، وجميع الفعّاليّات المؤثّرة في جيل الأطفال والشّباب، كلّ من موقعه، فالهدف أسمى من أن يتوانى أحدٌ عن القيام بواجبه تجاهه، وتجاه هذه الرّسالة الإنسانيّة والتّنويريّة العظيمة..
التاريخ: الثلاثاء13-7-2021
رقم العدد :1054