الثورة أون لاين – عبدالمعين زيتون:
لأنها بلادي، فكرة، وإبداع، فإنجاز، أشبه بتراتيل من تاريخنا الوطني المعاصر، وقلما نشهد إبداعاً يشتعل ليوثق حقبة لم تنته بعد – باستثناء القصيدة التي تشتعل في روح الشاعر لحظة سير الحدث- لذلك صحت تسميتها بالملحمة، إذا لم تكن ترتيلاً درامياً سورياً يسبق الحدث وهو يصنع الصورة النبيلة في وجدان المشاهد، وهو الهدف الدرامي الراقي للعمل.
وإذا جاز لنا أن نحمل هذه الملحمة إلى موازين التأمل والتحليل، فإنه وعلى الرغم من ورود بعض المفردات اللفظية التي لم نعتدها في أدبياتنا الوطنية التي نشأنا عليها واختلطت بحليب أمهاتنا، بالرغم من ذلك فإنه جدير أن يوزن في ميزان من ذهب، لأن الفكرة لبست ثوب القصيدة، واشتعلت في ذات اللحظة التي تندلع لتوثق الحدث، ومن هنا تأتي قيمة الإبداع.
لقد استوقفتني للحظات بعض المفردات التي وردت في بعض المشاهد خلال الحوارات بين الممثلين، ولعل أشدها وطأة على سمع المواطن السوري، طريقة التعبير عن الكيان الإسرائيلي الذي لا تعترف أدبياتنا به “كدولة”.
فهو في أدبياتنا الوطنية كيان لقيط، ولا نسميه ولم نسمه “دولة”.
كيان لقيط، زرعه الغرب في فلسطين العربية، وهو من أسوأ أشكال الإرهاب لأنه احتل أرضاً عربية اسمها الثابت فلسطين، لينطلق منها ويعيث فساداً فيها وفي محيطها العربي القريب والبعيد، حيث تستطيع أن تصل يده السوداء.
والحرب علينا التي عشنا فصولها المأسوية خلال السنوات العشر الماضية واحدة من الأمثلة الصارخة على مهمة ودور هذا الكيان اللقيط الذي يرسل شروره من الأرض الفلسطينية المحتلة.
“لأنها بلادي” فكرة وإبداع وإنجاز في زمن عربي رديء، أصبح فيه المواطن العربي بحاجة ماسة إلى صورة هذا البطل العربي السوري الذي ينجز منفرداً، أساليب الصمود وسبل الانتصار، أمام كل مشاهد الهزيمة النفسية والروحية التي أصابت الكثيرين هنا وهناك!
لأنها بلادي.. تقول بوضوح:
إن من حاول إسقاط الدولة السورية هم اللقطاء الذين ارتهنوا لكيان لقيط فأشعلوا حرباً قذرة على سورية أطفأ نيرانها أبطالنا في الجيش العربي السوري ومن خلفه هذا الشعب العظيم.
لأنها بلادي، كان لا بد من هذا الإنجاز لكاتب مبدع، ومخرج فذ، محمود عبدالكريم ونجدة أنزور، تسلسلت فيه صفحات هي الأقرب إلى تفاصيل ما جرى، وهي تنطوي على حكايا البطولة والمجد، وتوثق قصص البسالة والتضحية التي سطرها الجيش العربي السوري في دفاترنا الوطنية، كي تبقى المصطلحات الوطنية راسخة في أذهاننا وثابتة في ذاكرة الأجيال القادمة، إلى أن يصل الحق إلى أصحابه، وإلى أن نستعيد أرضنا في فلسطين والجولان، وغيرها فيما استجد من احتلال وعدوان على وطننا في كل جهات الوطن، وحيث كانت الأرض سورية.
لأنها بلادي، درس عميق في تاريخنا المعاصر، لا تنطوي على حوارات ومشاهد درامية وحسب، بل على أحاديث أرواح المجتمع السوري، وعلى الوجدان الوطني والذاكرة الجمعية للمجتمع، كي لا ينسى ما حدث، ولماذا حدث، وكيف حدث.
وإذا كانت آلام النبي يوسف عليه السلام قد حفرت في طفولته مأساة البئر الذي ألقي فيه، لكنها جعلته العزيز بعد صبر.
لأنها بلادي آلام درامية مؤثرة في نفس المتلقي (المشاهد)، لكن فرحة الانتصار كفيلة بأن تقلب الصفحة، وتغير لونها وتستعيد ألق جبين سورية، كما قلبت صفحات “لأنها بلادي” الألم إلى انتصار، وزرعت المجد والسلام والاخضرار في ربوع سورية الأم، وهي تلامس وتحاكي في فكرتها وجدان قائد بحجم وطن.. والأمل بالعمل من أجل سورية أبهى وأجمل.