الثورة أون لاين:
لم تكن سورية كما قال السيد الرئيس بشار الأسد يوماً خارج التحولات الكبرى التي تجري, بل هي قطبها, وهي عصا الرحى فيها, كانت وستبقى كذلك, ما جعلها محط أطماع المستعمرين منذ آلاف السنين, سورية يريدونها مقسمة مجزأة منذ أن بدأت الحملات الاستعمارية, حقيقة يذكرنا بها السيد الرئيس ويضعها أمامنا بكل ما فيها, يضع الأمور في مجراها أمام الأمة العربية, ويذكر الجميع أن التحولات الكبرى ليست قريبة النهاية, إذا ما عملت الدول العربية منفردة فإن الكوارث قادمة, أكثر مما نراه الآن, وسورية التي أراد الأعداء النيل منها عبر أبنائها ها هي تدعو من غرر بهم إلى العودة.
(أكرر دعوتي لهؤلاء، نقول لهم: نقول لكل واحد منهم، أنت مستغل من قبل أعداء بلدك ضد أهلك، والثورة التي خدعوك بها هي وهم، وسير الشعب خلفك هو سراب، وإذا لم تتمكن أشرس وأخطر حرب تعرض لها السوريون من إقناعهم بنهجك فلا شيء آخر قادر على ذلك، فإن كنت تسعى إلى الكرامة فهي في خدمة أهلك وشعبك، إن كنت تطمح إلى البطولة فهي في الدفاع عن أرضك، إن كنت تنشد الشرف فهو في بناء الوطن لا في هدمه، أما الحرية التي تتغنى بها فلن تجدها عند غربي امتهن أجداده ماضياً تجارة الرقيق ومارس أحفاده حاضراً التمييز العنصري، ولا هي عند عثماني دمر أجداده منطقة بأكملها حضارياً وأخلاقياً فطهروا عرقياً وميزوا إثنياً ويحاولون حاضراً تكرار تاريخهم الأسود بنسخة أكثر سواداً وقبحاً، أقول لأولئك: إن التراجع عن الخطأ فضيلة، والوطن هو الملجأ والحاضن، ودولته هي لجميع أبنائه، والشعب الكبير بقيمته كبير بقلبه، مسامح، وأول المسامحين كانوا عائلات الشهداء الذين بادروا منذ السنوات الأولى إلى فتح أبواب المصالحات وحقن الدماء، وهذه الأبواب ستبقى مفتوحة من قبل الدولة والشعب ولن تغلق ما دام هناك من يؤثر الكرامة على الذل والسيادة على الاستعباد).
الرئيس الأسد الذي يعي حركة التاريخ, وهو القارئ المتميز له, يذكرنا أن المؤامرة مستمرة, والقلب هو المقصود سورية, نعم سورية, منذ قرن ونيف والمؤامرات مستمرة على القلب, ألم يكتب جبران خليل جبران ذات يوم قائلاً:
(إن مستقبل سورية لا يزال مجهولاً، ذلك لأنه يبدو أن ثمة اختلافاً ما بين دول أوروبا، فيما يتعلق بالشرق الأدنى وبشكل خاص فيما يتعلق بسورية.
لكن مهما كان الاتفاق، الذي ستصل إليه الدول، فإن على السوريين أنفسهم، أن يبنوا مستقبل سورية، أو يهدموه، فإني أنا وكثير من السوريين سأتابع القتال من أجل بلادي) من رسالة إلى ماري هاسكل بتاريخ 27-2-1919
(أوه ما أعظم بليتك يا سورية، إن أرواح أبنائك لا تدبّ في جسدك الضعيف المهزول، بل في أجساد الأمم الأخرى، لقد سلتك قلوبهم وبعدت عنك أفكارهم،
يا سورية، يا سورية، يا أرملة الأجيال وثكلى الدهور، يا سورية يا بلاد النكبات، إن أجسام أبنائك لم تزل بين ذراعيك، أما نفوسهم فقد بعدت عنك، فنفسٌ تسير في جزيرة العرب، و نفسٌ تمشي في شوارع لوندرة لندن، ونفسٌ تسبح مرفرفة فوق قصور باريس، ونفس تعدّ الدراهم وهي نائمة. يا سورية يا أماً لا أبناء لها)
من تمثيليته الحوارية: بين الليل و الصباح 1919
• اسمعوا أيها المسجونون في سجن ضمن سجن ضمن سجن……
ليست سورية لكم…
ولا لثقافة التعفن….
ولا للإنكليز….
ولا للفرنسيين……
سوريا لكم ولي……
إن أجسامكم التي جُبلت من تربة سورية، هي لسورية، وأرواحكم التي تجوهرت تحت سماء سورية هي لسورية، وليست لبلاد أخرى تحت الشمس. فأنا سوري وأريد حقاً سورية، وحرية سورية لسورية”….
(إن المسألة السورية، وصلت حداً من التعقيد جعلنا نكاد نفقد الأمل في الوصول إلى أي حل، ليس ثمة شيء اسمه عدالة دولية في العالم) 4 تشرين الثاني 1919).
نعم, سورية, لكم ولنا, لكل عربي, لكل مؤمن بالقيم الإنسانية والنبل, أليس هذا ما أكده السيد الرئيس بشار الأسد؟
اليوم, يحق لنا أن نفخر بجيشنا وشعبنا, وقائدنا لأن سورية انتصرت, حطمت ما كان يحاك لها منذ قرن, ولكن هذا لا يعني الاستسلام لنشوة النصر, لا, بل تحليل أسباب ما كان, استخلاص العبر منه كما أكد السيد الرئيس بشار الأسد, سورية قلب العالم وميزانه, وبوصلتها دائماً نحو الغد.