الثورة أون لاين – فاتن حسن عادله:
لا تستطيع أميركا إلا أن تسمم أجواء علاقاتها الدولية بممارسة المزيد من الضغوط خاصة على الدول التي تحاول أن تحسن أو تخفف من حالة العداء التي تعصف بالعالم، وتكسر أجنحة المهاترات السياسية.
ولعل ما تبع قمة جنيف بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي جو بايدن المثال الأقرب الذي يبين ذلك ويوضح مدى شدة التوتر أو حالة عدم الاستقرار التي تسعى أميركا لأن تفرضها على موسكو.
هذا ما يظهر حالياً من خلال مشروع خط غاز السيل الشمالي2 ومحاولات واشنطن فرض نفسها كأمر واقع بين روسيا وألمانيا عبر غرز أصابعها الإرهابية بين الطرفين وتوتير أجوائهما السياسية والاقتصادية، وهذا ما عبر عنه السفير الروسي أناتولي أنتونوف العائد مؤخراً إلى واشنطن، – بعد فترة غير قصيرة قضاها في موسكو، بسبب عدائية السياسة الأميركية تجاه روسيا ومحاولة إظهارها كأنها معتد وليس كصديق- وعبر عن ذلك بالقول: إن ذلك يتعارض مع روح المباحثات بين الرئيسين بوتين وبايدن.
روح العلاقات هذه التي تحاول موسكو تنشيطها وإطلاقها نحو مزيد من الاحترام والعمل المتبادل القائم على التعاون، تقابلها واشنطن بالإقصاء والدفع نحو التدهور، سواء لجهة الاتفاق الذي وقعته مع ألمانيا حول السيل الشمالي2، أو لجهة العقوبات الأميركية غير الشرعية التي تتكاثر بدون أسباب أو شرعية.
كما أن ذلك يتناقض مع ما أعلنه بايدن عقب القمة في تصريحات صحفية له، من أن بلاده لا تعادي روسيا، متذرعاً بمصلحة الشعب الأميركي، متناسياً بذلك العنصرية المتغلغلة داخل أروقة الحكم الأميركية.
هذه اللا شرعية الأميركية والعدوانية الإرهابية تصب في سياق المتغيرات الدولية وتغير لعبة توازناتها بصعود قوى جديدة أضحت تشكل منافساً قويا أمام النظام الأميركي الذي يحاول استعادة هيمنته وقطبيته الأحادية، ومحاولة منع روسيا من تثبيت نفوذها على الساحة العالمية، وتطوير علاقاتها الاقتصادية والسياسية داخل مجتمع الناتو الذي يخشى المسؤولون الأميركيون من خسارته في المستقبل القريب، أو حدوث تفكك بين مكوناته وعلاقاته التي تتدهور فيما بينها، ما يعني سقوط أميركا لاحقاً، وهذا يشكل أعاصير ومتحولات قادمة أمام التواجد الأميركي ويضعف قوته التي يستخدمها في حروبه الخارجية، ونهب خيرات الشعوب.
اللهجة العدائية الأميركية، وسياسة البلطجة التي تمارسها إدارة بايدن، هي ترهيب سياسي يبرهن أن أميركا لن تصلح علاقاتها أو تصحح مساراتها المتدهورة، بل تعلن شيئا وتفعل شيئاً مغايراً يتناقض مع الاتفاقيات الموقعة، مستخدمة الإرهاب كأداة لاغتيال كل شيء، وهذا ما لن تسمح به روسيا أو تسمح بتشويه صورتها الدولية تحت أي ضغط من المصالح الأميركية.. هنا ربما نستطيع القول: إن حبر جنيف يتطاير بفعل الإرهاب الأميركي وغطرسة ساكني البيت الأبيض.