الثورة أون لاين – دينا الحمد:
الجريمة التي تصر قوات الاحتلال التركي ومرتزقة “قسد” على الاستمرار بارتكاب فصولها بحق أهلنا في الجزيرة السورية، والمتمثلة بتعطيشهم وقطع المياه عن مليون مواطن منهم لتهجيرهم عن قراهم ومدنهم، ألا تستدعي ممن يسمون أنفسهم رعاة “حقوق الإنسان” من دول وحكومات غربية التحرك لوقفها، أم إن تلك الحقوق مجزأة عندهم حسب أهوائهم ومصالحهم؟.
ثم ألا تستدعي هذه الجريمة الهمجية التي ترتكب ليس بحق الشعب السوري فحسب بل بحق الإنسانية أجمعها تحرك المنظمات الدولية المعنية لإدانتها ووضع حد لفصولها التي تتكرر كل أسبوع، وفي الآونة الأخيرة امتدت لأكثر من شهر كامل حرم خلاله الناس من أبسط مقومات الحياة وهو الماء؟.
لماذا لم نسمع صوت مجلس الأمن الدولي وبياناته وقراراته على جريمة بشعة مثل هذه الجريمة؟ ولماذا لم يتحرك خبراء منظمة حقوق الإنسان ويكتبون التقارير التي تطالب بمحاسبة النظام التركي وأدواته من الإرهابيين على جريمة موصوفة وبوضح النهار؟.
أسئلة لا تحتاج إلى كثير عناء لفك شيفرتها وألغازها وطلاسمها، فتلك المنظمات والمؤسسات الدولية باتت أدوات طيعة وبيادق بيد أميركا وبقية منظومة العدوان على الشعب السوري، تأتمر بأوامرها، وتنفذ أجنداتها، ولا يهمها إن عطش مئات ألوف البشر أو ماتوا بالمجاعات بل يهمها تنفيذ الأوامر الأميركية والمخططات العدوانية التركية التي تسعى إلى تعطيش أهلنا في الجزيرة وتهجيرهم، وبالتالي رسم خرائط المنطقة على مقاسات الكيان الصهيوني ومشغليه وداعمي الإرهاب في طول المنطقة وعرضها.
اليوم يمضي على فصول الجريمة المستمرة بحق أهلنا في الجزيرة السورية أكثر من شهر دون أن نسمع إدانة أو تحركاً فاعلاً أو مناشدة من قبل حكومات العم سام التي تتشدق بالدفاع عن حرية الإنسان وكرامته وحقوقه، والتي تتاجر بمآسيه، حيث يستمر الاحتلال التركي ومرتزقته الإرهابيون بمواصلة جريمتهم النكراء هذه بقطع مياه محطة علوك المصدر الرئيس لمياه الشرب لمليون مواطن في الحسكة بينما تتواصل الإجراءات الإسعافية للجهات الحكومية بعض منظمات الإغاثة الإنسانية لتأمين مصادر مؤقتة تروي ظمأ أهالي المدينة وريفها.
استمرار سياسة التعطيش ومعاقبة مئات الألوف من السوريين على تشبثهم بأرضهم ووطنهم وحقوقهم هي خطوة قديمة جديدة، سبقتها العديد من الخطوات المشابهة في الأشهر الأخيرة، لتعطيش أكثر من مليون مواطن سوري، ودفعهم للهجرة من مناطقهم وترك قراهم ومدنهم تمهيداً لإرساء مخططات التغيير الديموغرافي التي تخدم المشروع التركي الاستعماري، وأوهام ميليشيا “قسد” الانفصالية ومشاريع الكيان الإسرائيلي العدوانية.
اليوم ومع ازدياد درجات الحرارة في فصل الصيف اللاهب تأخذ معاناة أهلنا في الجزيرة منحى تصاعدياً في ظل إمعان الغزاة والانفصاليين والإرهابيين في جريمته بقطع المياه، ما يفاقم الوضع الإنساني الكارثي لأهلنا هناك ويزيد من معاناتهم الكبيرة، لاسيما أنها تأتي بعد جملة من الخطوات العدوانية التي قامت بها منظومة الإرهاب على مدى سنوات لتهجيرهم من قراهم ومدنهم وإحداث التغيير الديموغرافي الذي تخطط له دوائر النظامين التركي والصهيوني.
الجريمة الموصوفة مستمرة والعالم يتفرج وكأن الأمور تجري على سطح كوكب آخر، الجريمة متواصلة لتعطيش مليون مواطن سوري بيد الغزاة وأدواتهم والعالم صامت ولا ينبس ببنت شفة، فإلى متى ازدواجية هذا العالم بمعاييره الخنفشارية وقوانينه المتناقضة؟!.