الثورة أون لاين – راغب العطيه:
يعود تأسيس الجيش العربي السوري الى الأول من شهر آب لعام 1945، وأصبح هذا اليوم من الأعياد الوطنية الرسمية.
ومنذ ولادته كان تاريخه حافلاً بالنضال الوطني والقومي، وقبل هذا التاريخ كانت نواته الأولى مجموعة من التشكيلات المسلحة التي خاضت أعمالاً قتالية ضد الاستعمار الفرنسي، منها معركة ميسلون التي استشهد فيها البطل يوسف العظمة ورفاقه يوم 24 تموز 1920 مجسدين أعلى درجات العنفوان الوطني، عندما لم يسمحوا للقوات الفرنسية الغازية بدخول دمشق إلا على أجسادهم الطاهرة. وبعد دخول القوات الفرنسية دمشق أقدمت على حل التشكيلات العسكرية الوطنية واستحداث تشكيلات بديلة أسندت قيادتها لضباط فرنسيين مما خلق تذمراً بين صفوف تلك التشكيلات، وأدى إلى التحاق الكثير من عناصرها بالتشكيلات العسكرية الوطنية التي وسعت جبهة نضالها ضد المستعمرين الفرنسيين، الأمر الذي اضطر معه الفرنسيون إلى وضع هذه القطعات والتشكيلات تحت تصرف السلطات السورية عام /1945/.. إذاً، البدايات الأولى لهذا الجيش كانت بدايات نضال وكفاح وقتال ضد عدو أجنبي محتل.
ما بعد الاستقلال..
بعد حصول سورية على الاستقلال تأثر الجيش العربي السوري، شأنه شأن بقية الجيوش، بالظروف والأحداث السياسية التي سادت آنذاك، وأثر فيها أيضاً، إلا أن دوره ظل دوراً وطنياً مشرفاً.
بعد قيام ثورة الثامن من آذار المجيدة أولت قيادة الحزب والثورة مسألة إعادة بناء الجيش أهمية خاصة، وفي ظل الحركة التصحيحية المباركة التي قادها القائد المؤسس حافظ الأسد تطور جيشنا بشكل ملحوظ ونوعي ووفق أسس مدروسة، حيث أعيد بناؤه سياسياً من خلال التركيز على خلق المقاتل الواعي والمستعد للتضحية والشهادة في سبيل وطنه.
ومع تطورات القضية الفلسطينية التي تسارعت في تلك السنوات والتي كان أبرزها صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 القاضي بتقسيم فلسطين بأغلبية 33 صوتا ضد 14 وامتناع عشر دول عن التصويت وذلك في التاسع والعشرين من شهر تشرين الثاني 1947، مع هذه التطورات دخل الجيش العربي السوري على خط المواجهة ضد المشاريع الاستعمارية والصهيونية على الرغم من حداثته في الخدمة والتدريب، وذلك لأنه حمل الهم العربي والقومي منذ نواته الأولى التي تشكلت ابان الثورة العربية الكبرى ضد الاحتلال العثماني على أيادي الضباط السوريين.
وعندما حصلت النكبة منتصف أيار 1948 بإعلان تأسيس الكيان الصهيوني على أرض فلسطين العربية كان الجيش العربي السوري من أوائل الجيوش العربية استعدادا للدفاع عن فلسطين ودخل ضمن تشكيلات جيش الانقاذ العربي إلى فلسطين وقاتل الصهاينة بكل شجاعة وبسالة وقدم العديد من الشهداء دفاعا عن عروبة فلسطين وأرضها وتاريخها، وكان جنوده آخر من ينسحب من الأراضي الفلسطينية بموجب اتفاقية الهدنة الدائمة مع الكيان الصهيوني وذلك في 2 تشرين الثاني 1949 بعد أن فجّر جملة الإنشاءات والتحصينات الدفاعية التي كان قد أقامتها وحداته طيلة سنة كاملة في موقع رأس جسر كعوش.
وكما دافع الجيش العربي السوري على فلسطين دافع أيضا عن مصر العربية أثناء العدوان الثلاثي عليها عام 1956، وقد كان امتزاج دماء الشهيد جول جمال بالدماء المصرية أكبر دليل على وحدة المصير بين العرب جميعا وتعبيراً عن المبادئ التي آمن بها مقاتلو الجيش العربي السوري.
وبعد مواجهته للعدوان الصهيوني عام 1967 بعدة سنوات خاض جيشنا البطل بكل بسالة حرب تشرين التحريرية عام 1973 بقيادة القائد المؤسس حافظ الأسد، وأهدى للأمة العربية أول انتصار حاسم في العصر الحديث ضد الكيان الصهيوني محطماً بمساعدة الجيش المصري الشقيق “اسطورة الجيش الذي لا يقهر”، وما زالت مفاعيل هذا الانتصارات تنمو مع الزمن الى يومنا هذا.
وتعد حرب الاستنزاف وتحرير القنيطرة محطات مهمة في تاريخ سورية وجيشها البطل، والتي توجها في مطلع الثمانينيات بالدفاع عن عروبة لبنان والتصدي للاجتياح الصهيوني الذي استباح بيروت وضواحيها، ملقناً جيش العدو الصهيوني دروسا لن ينساها سجلها التاريخ بحروف من نور، واتبع ذلك بدعم المقاومة اللبنانية إلى أن أنجزت انتصار عام 2000 وانتصار تموز 2006، كما أنه من أول الذين وقفوا إلى جانب المقاومة الفلسطينية عبر مسيرتها الكفاحية الطويلة منذ تأسيسها الى الان.
ويزخر تاريخ الجيش العربي السوري بمواقفه القومية وعقيدته الوطنية التي تنطلق من أهمية الدفاع عن الأمة العربية وكل حقوقها المشروعة، وهذا ما أكسبه خبرة قتالية استطاع من خلالها مواجهة أقذر وأشرس حرب ارهابية عرفها التاريخ المعاصر، ملحقاً الهزائم في صفوف التنظيمات الإرهابية المتعددة الجنسيات وداعميها في الولايات المتحدة الأميركية واوروبا والكيان الصهيوني وفي تركيا، وهاهو سوف يتابع اليوم مهمته الوطنية والدستورية بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد حتى تحرير كل شبر من أرض سورية من الارهابيين والمحتلين.