عن بدايات قصيدة النثر…

الثورة أون لاين – علم عبد اللطيف:

في مصر، ، صدر أول ديوان في قصيدة النثر للشاعر (عزّت عامر) عام 1971 (مدخل إلى الحدائق الطاغورية).. الديوان كما يقول الناقد والشاعر المصري (رفعت سلاّم).. كان اختراقاً للحصار المضروب على قصيدة النثر.. تلاه ديوانان آخران في قصيدة النثر هما: (كتاب حرف الحاء).. لـ (بدر الديب) و(موقف العشق والهوان وطيور البحر) لـ (إبراهيم شكر الله)، وكان صدور هذين الديوانين، متابعة لفترة الأربعينيات مع جماعة: – الخبز والحرية – مجلّة التطوّر.. – مجلة البشير – الحركة السريالية المصرية مع لويس عوض وبشر فارس) ورمسيس يونان وأنور كامل ورفعت سلام.. إلا أن القصائد النثرية التي كتبها بدر الديب في الأربعينيات ونشر بعضها في مجلّة (البشير) بقيت قرابة أربعين عاماً حتى صدرت في كتاب، عام 1988، أمّا الديوان الثاني له، فجاء بعد عشرين عاماً، بعدما انضم بدر إلى حركة مجلّة شعر. واعتُبرت مجلّة (إضاءة) القاهرة – 1977-، ثورة الجيل الشعري الجديد على اللغة ذات البعد الواحد كما عبّر مؤسسوها، وبحسب تعبير (عبدو وازن)..(على الشمولية الإبداعية، وعلى الإنشاد المنبريّ وعلى انتحال الشعر صفة النبوءة والعرافة والتحريض والزعامة… وستكون أيضا ثورة الجيل الجديد على قصيدة التفعيلة بل على المعيار التفعيلي، وعلى القولبة وعلى النماذج السالفة والنمذجة… ) وجّهت لقصيدة النثر اتهامات كثيرة، إفساد اللغة، والخروج على التراث، والانسياق وراء نزعات مستوردة، والغموض، واعتبرت القصيدة (شعراً ناقصاً) حسب تعبير أحمد عبد المعطي حجازي.
ويعتبر رفعت سلاّم أن (قصيدة النثر كانت أحد مظاهر مشروع شعراء السبعينات الرافض للإنشادية والنمطية، ولعلّ السعي إلى التحرّر من التقليدي هو ما أفضى بالشعراء إلى قصيدة النثر وسواها، التي كانت حينذاك من المحرّمات في الشعرية المصرية، وعبر نتاج الجيل الجديد أصبحت قصيدة النثر أمراً واقعاً في الشعر). لكن اشتراطات (سوزان برنار) في قصيدة النثر لم يتم تبنيها كمرجعية شعرية أو نقدية أو تأسيسية لدى كل الشعراء، الشروط التي هي الاقتضاب، الكثافة أو التوهّج، وكما يضيف انسي الحاج، الهدم والبناء معاً، الوحدة العضوية، السرد المفصّل والوصف والنثر الغنائي،
ويعتبر (عبدو وازن).. (فات الناقدة الفرنسية أن قصيدة النثر هي أولاً وآخراً شكل تشكيلي، وفضاء قادر على استيعاب أشكال أدبية عدّة، وهذا ما حققته قصيدة النثر لاحقاً في الستينات والسبعينات في فرنسا وفي السبعينات والثمانينات عربياً). إذن لم تمتثل قصيدة النثر للشروط التي وضعتها، برنار وتجاهلتها، وتحولت من قصيدة نثر إلى شعر منثور. وأضحت القصائد النثرية (مشرعة على الشعري واللاشعري، على السرد والوصف، على التفاصيل واليوميات، على الواقع والحلم، على العالم والماوراء…).. وفق تعبير عبدو وازن، ويعتبرها الناقد الفرنسي (جان لوي جوبير) (الشكل الشعري الذي يرفض الوزن ويُفلت من النثر)، ورفض الوزن هنا.. والإفلات من النثر، لا يؤديان إلى الفوضى، فـ (التخريب) كما يقول انسي الحاج في مقدّمته (حيوي ومقدّس) (الهدم هو الوجه الآخر للبناء)، والسعي لتجميد قصيدة النثر في معايير ثابتة ونهائية باعتقاد الحاج، هو سعي إلى تجريدها من روحها وجوهرها وإلى قتلها تالياً، فقصيدة النثر هي قصيدة التحوّل لا الثبات، قصيدة الحركة لا الجمود)، وليس لها قانون أبدي، إذ إنها تخلق قوانينها باستمرار منفتحة على حركة الزمن الذي لا يتوقّف، كالنهر الذي تحدّث عنه هيراقليط. ويعتبر وازن أن شعراء مثل (رينه شار) و) هنري ميشو و(بول إيلوار) و(إيف بونفوا) و(أندريه دي بوشه). قد تخطّوا قضية القصيدة نحو قضايا أكثر جوهريّة وعمقاً، فالقضية هي قضية الشعر بعموميته. الناقد الفرنسي (جان إيف تادييه)،

يعتبر النص الشعري السردي، شكلاً يستعير من القصيدة أدوات فعلها وتأثيرها، ويقيم علاقة تحوّل بين الرواية أو القصة، وبين القصيدة. لكنه يبدو ابناً لقصيدة النثر والرواية معاً، أما الكتابة المقّطعة…. التي راجت في السبعينات فكانت تجمع بين الخاصيات الثلاث: الشعرية والسردية والتأملية، ويعلق عليه (وازن)، بأن هذه لم تكن غريبة عن قصيدة النثر والثورة التي أحدثتها في فرنسا مع بودلير ورامبو ومالارميه، وقصيدة النثر لم تشهد تحوّلاً أو تطوّراً إلا في النصّ المفتوح المتحرّر من شروط القصيدة والسرد والوصف و(المغرق في شعريته ونثريّته في الحين نفسه)، وهو ما سماه (أمبرتو إيكو) (الأثر المفتوح) وهو ( الكتاب الذي لا يبدأ ولا ينتهي، بل يتظاهر بذلك، وهو أيضا النصّ المتحرك والشكل الفنّي الجديد الذي يبقى في حال من التطوّر الكلّي). إذن.. تجاوزت قصيدة النثر شروطها والمقاييس التي رُسمت لها كما يقول هؤلاء النقاد، انطلاقاً من القصائد نفسها، وأصبح من الممكن القول، إن قصيدة النثر التي كتبها الشعراء العرب، هي احدى مفردات الحداثة، خارج القوالب كلها، شكل جديد ومستقل..

لا يستمد أيًا من عناصر البناء في القصيدة التقليدية أو قصيدة التفعيلة.. ويعتمد على الإيجاز والتكثيف.. وَتمَثُّل أحدث مفاهيم السيمياء التحليلية… وصار من المسلم به أن الإيقاع التقليدي، هو مشكلة في نص شعري يقوم على الاقتصاد في اللغة والتكثيف في الصياغة، والتركيب والتوليف في البناء، شكل شعري مستحدث, من شأنه أن يقيم قطعاً فنياً. وربما مفهومياً مع ما سبقه من أشكال الشعر… إنه ينتمي إلى مرحلة الكتابة بامتياز, بما تمثله من مدارس تحليلية وألسنية مختلفة…وبهذا يجب أن تكون له أدواته المختلفة….وأيضا آلياته…. عما نعرفه من الأشكال الشعرية السابقة، وإذا كان يحايث النثر في إغفاله للغنائية. فإنه يفارقه في بقية المستويات…السرد والاستطراد، والوصف، وغير ذلك.. ويفارقه حتى في المقاربة الموضوعية والفنية.. أما عناصره النثرية، فإنها لا تدخل في بنية زمنية محددة، وتتجرد من وظائفها النثرية.. فلا تنتج ذلك النوع من التوكيد والاستطراد، والوصف والتكرار والتوليد.. والتصييغ البياني الهادف إلى الإدهاش والامتلاك… والذي ينتمي إلى المرحلة الشفاهية تاريخياً.. إن قصيدة النثر هي عالم بلا مقابل،.. صيرورة وتحول، وليست خطاباً موجهاً إلى قارئ؛ وهي وإن كانت تسعى لإنتاج نوع من الذات المضادة دائماً، لكنها ذات متوهجة، ومكثفة، ومفاجئة… تحايث التطور، وتشاكل القلق، وتقاربه.. وربما تندغم فيه، أو تنفيه، في نوع من البناء يقيم تبادلاً ما بين الكلمة والعلامة والإشارة.. والإيحاء، عبر القرينة والخط والشكل والرمز.

آخر الأخبار
أسواق حلب.. معاناة نتيجة الظروف المعيشية الصعبة مهارات التواصل.. بين التعلم والأخلاق "تربية حلب": 42 ألف طالب وطالبة في انطلاق تصفيات "تحدي القراءة العربية" درعا.. رؤى فنية لتحسين البنية التحتية للكهرباء طرطوس.. الاطلاع على واقع مياه الشرب بمدينة بانياس وريفها "الصحة": دعم الولادات الطبيعية والحد من العمليات القيصرية المستشار الألماني الجديد يحذر ترامب من التدخل في سياسة بلاده الشرع: لقاءات باريس إيجابية وتميزت برغبة صادقة في تعزيز التعاون فريق "ملهم".. يزرعون الخير ليثمر محبة وفرحاً.. أبو شعر لـ"الثورة": نعمل بصمت والهدف تضميد الجراح وإح... "الصليب الأحمر": ملتزمون بمواصلة الدعم الإنساني ‏في ‏سوريا ‏ "جامعتنا أجمل" .. حملة نظافة في تجمع كليات درعا سيئول وواشنطن وطوكيو تتفق على الرد بحزم على استفزازات بيونغ يانغ تنفيذي الصحفيين يجتمع مع فرع اللاذقية درعا.. تبرع بالدم لدعم مرضى التلاسيميا غارات عنيفة على النبطية .. ولبنان يدعو لوقف الاعتداءات الإسرائيلية "زراعة القنيطرة".. دعم الفلاحين بالمياه والمستلزمات للزراعات الصيفية فلاحو درعا يطالبون بتخفيض أسعار الكهرباء توفير الأسمدة والمحروقات أول عملية وشم واسعة النطاق للخيول الأصيلة في دير الزور إدلب: في أول جولة له بالمحافظة.. وزير الاقتصاد يطَّلع على الواقع الصناعي والتجاري مرتبطة بسمعة الطبيب السوري.. كيف يمكننا الاستثمار في السياحة العلاجية