الثورة – همسة زغيب:
“بيت المونة الدمشقي” ليس مجرد موضوع تراثي قديم فقط، بل تقليد متجذر في الثقافة السورية، يعكس الحكمة والبراعة في استغلال الموارد الطبيعية لتأمين الغذاء على مدار العام، خاصة خلال فصل الشتاء، ويرتبط بالروح الدمشقية القديمة، ويتعلق بالبيوت الدمشقية العريقة قصة “بيت المونة الدمشقي” كانت في محاضرة تراثية للباحث أنس تللو في المركز الثقافي العربي في المزة بدمشق.
الباحث أنس تللو اوضح أنَّ بيت المونة كان يعتبر علامة على مهارة ربة المنزل، وقدرتها على تدبير شؤون بيتها، وتخزين الطعام بشكل صحيح، من أساسيات موائد الطعام لدى السوريين، يدّخرون المواد الغذاىية للعائلة، فبرعوا في ابتكار طرقاً للمحافظة عليها على مدار العام، إذ عرف قديماً أنّ ست البيت كانت تطبخ أطيب الأطعمة على مدار العام، كي تتمكن من ذلك كانت تقوم بتحضير وتخزين الخضار والبقوليات والمربيات خلال أشهر تموز وآب وأيلول وتشرين الأول من كل عام استعداداً لموسم الصقيع والمطر، كنا يرتبط بالجد والجدة وزوجات الأولاد.
كما أكَّد على أنَّ ذكريات بيت المونة مازالت من أحلى وأجمل الأيام في البيوت الدمشقية القديمة وكانت تعج بالحركة والنشاط، أثناء اجتماع العائلة ويأكلون من مائدة واحدة، لايعكر صفو حياتهم شائبة، وكل مشكلة يتمُّ حلها في حينها، لكن تغيرت المعايير والقيم القديمة كثيراً في أيامنا الحالية، فكانت ربة المنزل تجفف الكوسا، والباذنجان، والبامياء، والفول، والجوز، والحمص، والبصل، والثوم، وتحفظ ورق العنب مشروشاً بالملح، إضافة إلى غلي الجبن مع حبة البركة والملح للمحافظة عليها، ولا تتوفر في كل وقت، وتضع الزيتون في الزيت وتعمل من الباذنجان مكدوس، وتحشوه بالجوز والثوم، وتصنع أنواعاً من المربيات “المعقود” كالمشمش والسفرجل والباذنجان والتفاح والكباد والنارنج، بهدف الحفاظ على التراث السوري المرتبط بأنواع معينة من الأطعمة والمأكولات التقليدية، إضافة إلى ذلك، تساهم المونة في تحقيق الأمن الغذائي للعائلة، وتقليل الهدر من خلال استغلال المواد الغذائية المتوفرة بكميات كبيرة في مواسمها.