الملحق الثقافي:إنعام أسعد:
1
الطيورُ التي طرحتْ الأسئلة
حولَ هذا العالم
قادها الهدهدُ الحكيم
في هجرةٍ نهائيّةٍ إلى الهدفِ الأسمى –
«طائر السيمرغ»
حيث الراحةِ الأبديّة
عابراً بطيورهِ الأوديةَ السبعة:
وادي الطلب، وادي العشق، المعرفة
وادي الاستغناء، التوحيد، الحيرة
وادي الفناء والبقاء..
هناك وجدتِ الطيورُ
أن «السيمرغ» العظيم
ليس سوى ذاتهم الحقَّة
ذاتهم الخافية..
غير أن الطيور التي لم تهاجر
مع «الهدهد الحكيم»
آثرتْ هجرةً معاكسة
إلى هدفٍ آخر…
هجرةً يقودها «طائرُ الفينيق»
عبر وادي «العقل»..
2
قال الطائرُ:
«خمرُ الحاضرِ لا يُوضَع
في آنيةٍ قديمة»..
اتبعيني أيتها الطيور
إلى نصٍّ جديد – لا يُقرَأُ
إلّا بالفطرة –
أبعدُ نقطةٍ
عن سجنِ الذاكرة –
اتبعيني
ليغدو المستحيل
ممكناً… واقعاً
والخيالُ فردوسُ
العقول..
3
قال طائرُ الفينيق بين أضلعي:
«إذاً… ارقصي
أيتها السّمواتُ الجديدةُ
بين يدَيّ..
وانسدلي على شَعري –
فأنا امرأةٌ ذات
شَعرٍ طويل
ترتاحُ الأساطيرُ في ظلّهِ
ومن أعناقِها
تتدلّى كلماتي تميمةً
من ذهبْ –
لكلِّ زمانٍ يخلعُ ماضيهِ
مع كلِّ فجرٍ
كي يقولَ الشجرُ
ما في سرِّهِ من لهبْ.
4
طائرُ «التسليم»
طائرٌ في الأسرِ
كلّما قدحَ صوَّانَ المسالكِ
أضرمَ نارَ الخيبة.
«طائرُ الفينيق» مزَّقَ
الخرائطَ القديمة –
خطُّ تاريخَ ابتكاراتهِ
كعصفٍ جديد..
5
قال «طائرُ الفينيق»:
«الطيورُ في الوادي
عالقةٌ في غابةِ النصوص».
«رأيتُ نصّاً – كهلاً
يُغالبُ الموتَ
الجميعُ كان ينفخُ في رماده»..
وأردفَ قائلاً:
«على قارعةِ النصوص
يستنطقونَ المعنى بالإكراه.
نصوصٌ تكادُ تختنقُ
من هولِ التفاسير».
«معتقلون في نصٍّ قديم
لم يلحظوا شروقَ الشّمسِ
منذ مئاتِ السنين».
6
«رأيتُ: الكلماتُ… رمالٌ
والمعاني… متحرِّكة».
«رأيتُ معنى النصوصِ لا يكتمل
بشرٌ يمدُّ لها الجسور..
هكذا تتوارى المعاني
في أروقةِ الالتباس».
«وعلى قارعةِ التمنّي
يهطلُ مطرٌ غزيرٌ
من غيمِ الأمل»..
الفلسفاتُ في الوادي
نُسِجتْ من خيوطِ جهلٍ
ومعرفةٍ قليلة.
يعيدونَ قراءةَ المعنى
بكلِّ لونٍ…
وما قالهُ الرواةُ
عن تفاصيلِ السماء..
7
هكذا على الأغصانِ في الوادي
يغرِّدُ ليلَ نهار
طائرُ الغرابة.
وادٍ يترنَّحُ
بين خيالِ وردةٍ
ومقبرة –
حيث يعرفون الخطأ
ويجهلونَ الصواب.
9
أنا امرأةٌ من «الفينيق» –
كيف أسيرُ على هدىً
ومن في الوادي سكارى؟!..
الشكُّ ليسَ مذهباً
الشكُّ مفتاحُ العقول.
لنهرِ الشكِّ
ضفّةٌ واحدة
وفي بستانِهِ
يتفتَّح وردٌ غريب.
أنا امرأةٌ من «الفينيق» –
أريدُ أن أقول
لا أريدُ… قيلَ لي
ولا أريدُ ما قالوا:
إن السماءَ أمطرتْ… ما أمطرتْ.
10
قال طائرُ «العقلِ» العظيم:
امرأةٌ من «الفينيق»
في سمواتِ أعماقها
نسرٌ دليلْ…
يشتعلُ في ساحةِ المساءْ
ويخرجُ من رمادِهِ
في الفجرِ نسرٌ بديلْ..
التاريخ: الثلاثاء3-8-2021
رقم العدد :1057