الملحق الثقافي:ريم البياتي :
أنبأني “أبو النوّاس” عن المجنونِ
وقال:
قُبيلَ الصُّبحِ تيمّمَ تحتَ النّخلة
إذ كانَ النخلُ وطلع النّخل بهيّا
كان المجنونُ يسافرُ عبرَ رؤاهُ قصيّا
يمسحُ عن وجهِ مواعيدِ العشّاق غبار الحرب
ويجمعُ من تحتِ ركامِ الأعمارِ كلاما
مازال جنيناً في الأفواه
يلملمُ أمشاطاً سقطتْ
من شعرِ امرأةٍ
وضعتْ أسماءَ مدينتها الحُسنى
حرزاً في القلبْ
وراحتْ…
تستفتي كلّ لغاتِ العطر
وتسكبُ في كأسِ “أبو النّواس” الحُبّ..
أنبأني الصّبحُ عن المجنونِ وقال:
كانت بغداد تعدّ “القيمر”
والكرخيّ يبيع “الكاهي” للغرباء
وأهل الله هنالك
يبتاعونَ شواهدهم
يا عبد الله…
أتعرفُ أين يقيمُ النقّاشون؟
كلُّ الأسماءِ على أضرحةِ عبادِ الله
بلا شفةٍ…
من يحفظ أسماءَ العشّاق
ويعرف…
أين يخبّئ حبر الآتي الورّاقون؟
يا عبد الله…
تضيعُ حجار القلبْ
إذا ما ضاعتْ أسماء العشّاق
وماتَ الورّاقون..
في السّاحةِ كان “أبو النوّاس” يعاقرُ آخر كأسٍ
والأختامُ ترافق “شبعاد” إلى المنفى
“أنخيدو”..
تقلّد عنقَ الزوراءِ قصائدها
فتطيرُ حمامات “البيّاع”
وينفرُ نخل المحمودية؟
احتارَ المجنون…
ومدّ يديهِ ليمسك خيطَ “الطائرةِ الورقيّة”
لكنّ السّاحةَ تبكي
و”أبو النوّاس” يودِّعُ آخرَ عنقودٍ
يرمقُ أوداجَ الإسفلتْ…
ويمضي….
لم يبقَ غير صريرِ الدباباتِ
وأنتْ…
تبايعُ “جرغد” بغداد
وترسمُ كحلَ الحلّة
من أنتْ…؟
وأنت “التفّاك”
يشدُّ الخيطَ على أفواهِ البكائينَ
يا مطراً يغسلُ صدر “أبو النوّاس”
ويصهلُ في أوردةِ الطين
من يجرؤ أن …
يفتح عينيكَ المُغمضتين
على أسرارِ الورّاقين..
التاريخ: الثلاثاء3-8-2021
رقم العدد :1057