الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
تواصل الولايات المتحدة وحلفاؤها الرئيسيون إثارة الجدل في مجالات كثيرة وأهمها قضية حقوق الإنسان، ففي الآونة الأخيرة حاولت واشنطن إجبار منظمة الصحة العالمية على إجراء تحقيق حول منشأ فيروس كورونا مدفوعة بالسياسة للتركيز على مهاجمة الصين، ولا يزال الداعمون الرئيسيون لهذا الإجراء هم حلفاؤها بالتأكيد، حيث تتركز الدائرة التي بنتها الولايات المتحدة حولها وحول الكثير من الدول مثل أوروبا وأستراليا واليابان، وغالباً ما يشار إليهم باسم “الغرب”، ولهذا فقد استخدم الصينيون في الآونة الأخيرة مصطلحاً جديداً وهو: “الولايات المتحدة والغرب”.
يبلغ إجمالي عدد سكان الولايات المتحدة والغرب ما يزيد قليلاً على مليار نسمة، أو حوالي ثُمن إجمالي عدد السكان في العالم، لكن هذه الدول تلعب دوراً كبيراً في الشؤون العالمية، فمثلاً ناتجها المحلي الإجمالي يمثل أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي، لهذا فإن قوة خطابهم مهيمنة بشكل ساحق، وبالتالي فهم يحتكرون كيفية تفسير وتعريف القضايا الخلافية.
إن الولايات المتحدة تبذل محاولات يائسة لتحويل صراعها مع الصين إلى تصادم بين حلفائها الغربيين والصين، وقد بذلت إدارة بايدن على وجه الخصوص كل ما في وسعها لتحقيق هذا الهدف، لهذا يجب على بكين أن تحاول تمييز الصراع الصيني الأميركي عن الاحتكاك بينها وبين الغرب.
والجدير بالذكر أن للولايات المتحدة بعض المزايا الطبيعية في جذب المعسكر الغربي للضغط على الصين، ومنها أن الغرب هو تحالف يقوم على الايديولوجيا والقيم، بالإضافة إلى ذلك، في عصر التغيرات العالمية الكبرى، فإن هذه الدول لديها شعور معين بالمصالح المشتركة التي تتجاوز الاختلافات فيما بينها، والولايات المتحدة تستفيد من هذه الشروط. إنها تحاول استخدام الصراع الأيديولوجي كقبضة لجعل صراعها مع الصين صراعاً بين الصين والغرب، وقد خدع هذا الأسلوب العديد من الغربيين.
ومع ذلك فإن كعب أخيل لهذه الاستراتيجية الأميركية هو أن المواجهة التي كانت تروج لها بين الصين والغرب تتعارض مع العولمة، وهذه المواجهة تتطلب من الدول الغربية أن تدفع الثمن بالتضحية بفرصها التنموية وثروة باهظة من الفوائد الفعلية.
وهذا بدوره يمنح الصين فرصة مهمة لكسر الجبهة الموحدة بين الولايات المتحدة والغرب، كما يمكنها أيضاً تحويل جزء كبير من الصراعات التي تنوي الولايات المتحدة خلقها بين الصين والغرب إلى صراعات بين الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى، ما يؤدي إلى صراع بين الإكراه ومناهضة الإكراه.
ومن أجل تحقيق ذلك يجب على الصين أولاً أن تتبنى سياسات مختلفة تجاه الولايات المتحدة وحلفائها، وعليها أن تخصص المزيد من مواردها للدول الأوروبية لإحداث تغيير كبير في اتجاه الاستراتيجية الدبلوماسية.
نحن بحاجة إلى محاولة التقليل من شأن ما يسمى بالاحتكاكات بين الصين والغرب والتحدث أكثر عن الصراع بين الصين والولايات المتحدة. وتكمن نقطة الاشتعال لما يسمى بالصراع الصيني الغربي في الاحتكاكات الأيديولوجية في مجالات مثل النزاعات حول حقوق الإنسان.
يمكن للصين الانخراط في مزيد من الاتصالات مع الدول الغربية من منظور التنوع الثقافي، والدعوة إلى فكرة الانسجام، ومحاولة تقليل عدد نقاط الاحتكاك المحددة، وفي الواقع هناك مساحة كبيرة للعمل عليها، وهي تستحق الاستكشاف.
إن التوسع المستمر في حجم التعاون الاقتصادي بين الصين والغرب هو المفتاح لبناء علاقات جديدة تصب في مصلحة الطرفين، ففي الماضي كانت الولايات المتحدة هي الأولوية عندما يتعلق الأمر بالتعاون، أما في المستقبل، ينبغي إيلاء المزيد من الاهتمام لرفع مستوى التعاون مع الدول الغربية، و من الممكن جداً ألا تمنع الصراعات الأيديولوجية العامة الدول الأوروبية، مثل ألمانيا وفرنسا، من مواصلة تعاونها مع الصين، لهذا يجب أن تستمر السوق الصينية في جذبها للدول الغربية، ويجب ألا ندعها تنكمش أو تتقلص.
تحتاج الصين إلى تعزيز علاقاتها مع الدول النامية وزيادة أوراقها التفاوضية باستمرار في التعامل مع الغرب، ومع ارتفاع القوة الوطنية للصين، ستزداد أيضاً قدرة البلاد على القيام بذلك. ويجب على الصين أيضاً أن تتعاون مع روسيا والعدد الهائل من الدول النامية لإيجاد فرص وأجندات مناسبة لكسر غطرسة الولايات المتحدة، كما أنه يجب على معظم الدول الغربية أن تدرك أن الولايات المتحدة ليست دائماً قوية ومنتصرة.
على سبيل المثال، في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، سحقت الصين ودول نامية أخرى مشاريع قوانين مناهضة للصين اقترحتها الولايات المتحدة والغرب عدة مرات، وفي المستقبل يجب أن نحاول أخذ زمام المبادرة لتلقين الولايات المتحدة درساً، وتوجيه ضربة مباشرة لها في مجال حقوق الإنسان، وهذا ليس مستحيلاً ، حيث توجد العديد من ثغرات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة.
في الختام، الولايات المتحدة والغرب لا يمثلان المجتمع الدولي، وليس من المفترض أن تمتلك الولايات المتحدة القدرة على بناء “معسكر غربي” ضد الصين. ولكن بعد سنوات من الجهود، سيكون من الممكن هدم الجدار المسمى “الغرب” الذي بنته الولايات المتحدة بشكل خاص ضد الصين.
المصدر:Global Times