الثورة أون لاين – حسين صقر:
بعد أن دفعت الظروف المعيشية الصعبة الرجل للبحث عن عمل آخر، لتأمين حاجات أسرته من طعام وشراب وأدوية و أجور نقل وغيرها من المتطلبات التي لاتنتهي، باتت معظم السيدات وحيدات في المنزل لمتابعة الحاجات الأخرى واستكمال النواقص، حتى وجدت الغالبية العظمى منهن أنفسهن بارعات في الصيانة وإصلاح ما تعطل من أجهزة وأدوات بهدف الاستغناء عن بعض الفنيين والحرفيين، وذلك حسب ما أمكن.
السيدة أم ماجد قالت: تعطل البراد نتيجة انقطاع الكهرباء المفاجئ، وعودتها أيضاً عبر تيار قوي، ما أدى لذاك العطل وعندما تواصلت مع فني مختص، أجاب أن المحرك قد أصيب بصدمة كهربائية، ولدى سؤالي له كيف سأعرف ذلك، أجاب هناك جهاز اسمه “آفو” أعرف من خلاله إذا كان المحرك يعمل أم بات معطلاً، ولهذا أطلت الحديث معه، وسألته إذا كان بإمكاني القيام بذلك.
وأضافت أم ماجد بالقول : لقد سخر مني وكأنني رويت له طرفة، ولهذا تشكلت في داخلي ردة فعل وإصرار على قيامي بإصلاح العطل حتى لو احتاج الأمر لأكثر من ذلك، وأنهيت حديثي معه بسرعة، ووضعت هدفاً في داخلي لأن أقوم بإصلاح البراد، ومازاد من إصراري على ذلك بأنني عندما سألته عن أجرة يده دون سعر المحرك، قال أجرة يدي ثلاثين ألفاً، عندها أغلقت الخط، وذهبت إلى صيانة البرادات فاستعرت جهاز الكشف وسألته كيف يمكنني استخدامه، وأخبرني بذلك، ثم طبقت ما أخبرني به، وبالفعل اتضح أن المحرك معطل، وهكذا بدأت رحلة أخرى من العناء، إلى أن اشتريت المحرك وبالتعاون مع ابني قمنا بتركيب المحرك وهو الآن يعمل بصورة جيدة، وذلك دون أن أكلف زوجي العناء لأنه يخرج من الصباح وحتى المساء لتأمين لقمة عيشنا.
وقالت السيدة سماح. م: أقوم بإصلاح صنابير المياه والخلاطات وكل ماله علاقة بالأدوات الصحية دون الاستعانة بأحد وكل ما لدي عبارة عن بعض المفاتيح والمفكات والأدوات الأخرى، بالإضافة لقطع التبديل الموجودة بشكل دائم تحسباً للطوارئ وأيام العطل، والتي لا يمكنني فيها تأمين القطعة المراد تبديلها، طبعاً وذلك أيضاً حسب الإمكانات المتاحة، باستثناء التي تحتاج لجهد عضلي كبير، عندها أبدأ فيها وأنتظر زوجي حتى يحضر وأتعاون معه في الأمر.
السيدة مها والملقبة بأم علاء قالت: بعد استشهاد زوجي، وجدت نفسي مضطرة لمتابعة الأعمال في المنزل ولاسيما الخفيفة منها، حيث أقوم بإصلاح بعض الأعطال الكهربائية من “أباريز” ومفاتيح وتوصيل وتبديل الإضاءة حتى لو كانت معقدة نوعاً ما، كتبديل “قاعدة إنيون” أو مأخذ أو سيّار، حيث اكتسبت ذلك من خلال زوجي الذي كان يفضل إصلاح تلك الأعطال بنفسه، حتى بعض الأدوات الكهربائية الصغيرة كمصفف الشعر أو المكواة أو أسلاك الفرن الكهربائي.
من جهتها نوهت أم شادي بأن فقدان زوجها منذ ثماني سنوات أكسبها القوة والمعرفة لإصلاح كل مايتعطل في المنزل من طاولات وكراس وأقفال ومسكات أبواب، دون الاستعانة أو الاتصال بأحد، بالإضافة لقيامها بتركيب المنظفات وبيعها إلى جانب وظيفتها، وهو ما يجعلها توفر على نفسها وولديها أجرة الإصلاح لوضع تلك المبالغ في أماكن أخرى كالحاجات والمتطلبات المعيشية.
بدورها قالت أم زاهر : إنه ومنذ أن أقعد المرض زوجها الذي كان يقود سيارة الأجرة التي يعتاشون منها، تابعت دورة قيادة سيارات وحصلت عليها، ثم بدأت العمل على تلك السيارة وكأن زوجها موجود، وبذلك استطاعت أن تؤمن له ثمن الأدوية والعلاج والمصاريف الأخرى.
إذاً الظروف التي نعيشها دفعت الكثير من النساء للقيام بأدوار أزواجهن إلى جانب ما يطلب منهن من أعمال منزلية أخرى، وذلك نتيجة ارتفاع أجور المهنيين والفنيين وبسبب عدم تناسب ذلك مع الدخول التي يتقاضونها كموظفات أو عاملات أو ممن ليس لديهن أي رواتب أو مصادر معيشية أخرى.