الثورة – إيمان زرزور:
أحدثت كلمة الرئيس أحمد الشرع خلال أعمال القمة العربية الإسلامية الطارئة المنعقدة في العاصمة القطرية الدوحة صدى واسعاً على الصعيدين الإعلامي والشعبي، إذ جاءت قصيرة وغير تقليدية مقارنة بخطب القادة العرب الآخرين، لكنها حملت معانٍ سياسية ودبلوماسية مكثفة في وقت حساس تمر به المنطقة.
استهل الرئيس الشرع كلمته التي لم تتجاوز الدقيقة بقوله “سأسعى لاختصار الوقت”، ثم أطلق عبارة اعتبرها المراقبون مؤشراً على إدراكه دقة المرحلة: “إنه لمن نوادر التاريخ أن يُقتل المفاوض، ومن سابقة الأفعال أن يُستهدف الوسيط”، في إشارة إلى ما تواجهه مساعي الوساطة العربية في الصراع الدائر في غزة. وأكد الرئيس استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة ومواصلة الاعتداءات على سوريا منذ تسعة أشهر، داعياً إلى توحيد الصفوف العربية قائلاً: “ما اجتمعت أمة ولمت شملها إلا وقد تعاظمت قوتها، وما تفرقت أمة إلا وقد ضعفت”، مستشهداً ببيت شعر يحث على الجمع بين العقل والحزم لتجنب المظالم. وفي خاتمة الكلمة عبّر الشرع عن موقفٍ داعمٍ لدولة قطر قائلاً: “أقف وشعب الجمهورية العربية السورية بأكمله بجوار دولة قطر، وفاء لها ولعدالة موقفها، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”. هذه العبارة حملت رسالة سياسية واضحة عن تقدير سوريا لجهود الدوحة في الملفات العربية الساخنة، كما أظهرت رغبة دمشق في إعادة التموضع ضمن محيطها العربي بعد سنوات الحرب في سوريا.
أثار هذا الخطاب القصير موجة تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي؛ فقد وصفه أحد النشطاء بأنه “كلمة نادرة في تاريخ القمم العربية والإسلامية، الرئيس السوري أحمد الشرع يلقي كلمته في إطار 50 ثانية بإيجاز بليغ”. وأضاف آخر أن الشرع “أوجز في أقل من دقيقة ما عجزت عنه خطابات مطوّلة”، فيما اعتبر ثالث أنّ “كلمة مختصرة في خمسين ثانية وضحت كل شيء نحتاج إليه”. هذا التفاعل يعكس تعطش الجمهور العربي لخطابات مركزة وواضحة المعنى في القمم الرسمية.
كلمة الرئيس الشرع، كانت خطاباً قصيراً يحمل رسائل مركزة يثير اهتمام المتابعين، ويشير مراقبون إلى أنّ اختيار الرئيس الشرع للإيجاز يحمل دلالات سياسية؛ فهو يمنح الكلمة زخماً إعلامياً أكبر ويضع سوريا في موقع مختلف في القمة من خلال لغة الإشارة والرمز أكثر من السرد، ما يعكس رغبة القيادة السورية في توجيه رسائل سريعة وواضحة إلى الداخل والخارج في آن واحد.
يرى خبراء في الشؤون العربية أنّ هذه الكلمة المقتضبة أسهمت في تقديم صورة جديدة لسوريا في المحافل العربية والدولية، حيث ظهر الرئيس الشرع بمظهر القائد الواثق القادر على تلخيص موقف بلاده في عبارات محدودة وذات وقع قوي، ما يعطي انطباعاً بالتغيير في أسلوب التواصل السياسي السوري بعد سنوات من الخطابات التقليدية المطولة. ويزيد هذا الأسلوب المختصر من قدرة الرسالة على الانتشار إعلامياً ويجعلها قابلة للتداول بشكل أكبر في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، وهو ما قد يعزز موقع دمشق في القمم المقبلة ويعيد صياغة صورتها كطرف يسعى للبراغماتية والوضوح والفاعلية في الساحة العربية.