الثورة أون لاين:
هل تعرف أبا مؤيد وكنت تعرف أبا طلال وآخرين كثيرين هم أيقونات الكتب التي كلما عتقت جوهرت ..
أبو مؤيد محمود حسن تجمعني به قرابة الفكر والانتماء والمحبة والحنان الإنساني الذي يعامل به من يقصده أعرف أنه مثقف وكل من يعمل في هذا الركن الثقافي مثقف..أعرف ذلك وكنت أنتظر الكثير من السوانح حتى ألتقط الفكرة ..
اليوم يفاجئنا بكل الحب محمود حسن بروايته مدارج العشق ..
مفاجأة طالما انتظرتها لتختفي بمن أكثر تفاعلا مع الأجيال التي كل يوم تتبدل عند مكتباتهم التي تشكل ثروة مهمة
عن روايته يقول محمود حسن ابو مؤيد:
( أما أنت فانصت إلي . وﻻ تنبس ببنت شفة
إن الحمامة تهدي نطقها للعاشقين
هديلها أحلى من نغمة اأرغن السائغ الرخيم)
( ابن العبري )
في الصباح الباكر تفتح أبواب المدينة ..
فيندفع إليها القادمون من الضياع والصحراء .. مشاة ..أو على خيول وعربات ، وهم يحملون مختلف أنواع الحبوب والتمور، والزبيب .. والخضار ..والأجبان .
ومن الباب الشرقي، يدخل رجل ، على حصان أبيض ، في العقد السادس من العمر ، ملثما بكوفية خضراء ، موشاة بخيوط حريرية ، ووجهه مشرب بسمرة الصحراء .
يسير في الشارع الطويل.،. والحصان يناغم وقع حوافره على حجارة الطريق المرصوفة ..
المدينة ما تزال ناعسة.. ما عدا بعض الحوانيت التي بدأت تشرع أبوابها للزبائن والبضائع المحملة على الجمال وعربات الخيول .
في منتصف الطريق ، المسقوفة بألواح المعدن ، ينعكف الحصان نحو اليمين.. في شارع تتدلى فيه عروق الياسمين على الجدران من الجانبين . وعندما يشارف على أحد البيوت ، في الجهة الشرقية من الجامع الكبير، تتنسم منه رائحة النارنج والماندلينا .. يعرجل .. وقلبه يشتد خفقانا ..يدفع البوابة المعدنية الكبيرة .. فيظهر بيت تحيط به حديفة مترامية الأطراف من ثﻻث جهات.. وأمامه بحيرة ماء تحيطها أحواض رخامية، تشرئب منها عروق الزنابق والورود ..
يسير في ممر رخامي معشق بالمرمر باتجاه البحرة ..والحصان خلفه يسير وهو يتشمم رائحة النباتات ..وما يلبث أن يغيب بين الأشجار الباسقة والنباتات الكثيفة .
كل شئ ما يزال كما عهدته ..همس وهو يجلس على حافة البحرة ، التي كانت مياهها هادئة ، وقد تساقطت عدة حبات من النارنج وتناثرت أوراق الأشجار حولها .
هنا في هذه الحديقة النقينا مرارا .. قال هامسا وهو يحدق في سطح الماء ، الذي بدأت ظﻻل الأشجار تتراءى فيه.
– حينذاك .. حسبتك وردة مثا كل الورود ، غير أن نفحاتك كانت قد صارت من ظل الجنة ..
– متى ..؟؟ همس صوت أنثوي من بين الظﻻل ..
– بالأمس ، ربما .. منذ سنة .. مئة سنة …ألف ، ثﻻثة آﻻف ربما.. يوم كانت المدينة، مشرعة للنور والنسيم.. والنهر يفيض بمياهه الترقرقة كاللجين ..من دار إلى دار .. تروي الحدائق والخلائق ..وتضفي إلى د المدينة بهاء وجلاﻻ ..