لكل من لا يعرف، أو لا يريد أن يعترف.. نقول: إن هناك مشاريع “اسمها” صغيرة ومتوسطة ومتناهية الصغر، لكنها في حقيقة الأمر هي عصب رئيسي لا يمكن الاستغناء عنه، وخاصة في بلدنا، نظراً لقدرتها العالية جداً على معالجة أهم ثالوث قد يعيق أو يحد من سير تقدم العملية الاقتصادية – الصناعية – التجارية في أي دولة من دول العالم وهو “البطالة + التنمية + الفقر”.
من هنا .. ومع غزارة التصريحات والتأكيدات الحكومية حول الأهمية الاستثنائية التي يجب أن يحظى به هذا الملف الاستثنائي في هذا الظرف الاستثنائي، والضرورة القصوى لإخراج هذا المارد الاقتصادي من قمقم القاعات المغلقة والاجتماعات الدورية والكتب والمراسلات الروتينية، إلى فضاء التطبيق العملي والتنفيذ الجدي، تخرج أصوات من داخل البيت الحكومي للمطالبة بسرعة التحرك للحد من التداعيات الكارثية للحرب العدوانية على سورية، وإبطال مفعول العقوبات الغربية علينا، وتوجيه بوصلة الإنتاج بالاتجاه التي كانت من المفترض أن تكون عليه قبل سنوات من الآن، والاعتراف وبصوت عال أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر اليوم هي طوق النجاة الأهم والوسيلة الأكثر فعالية لمعالجة المشكلات التي تواجه الاقتصادات العالمية المختلفة، وبطبيعة الحال اقتصادنا الوطني الذي لم يعد قادراً على تحمل المزيد من الانتظار أو التجريب.
هذا التحرك على المستوى الوطني “بالشكل المأمول” قد يكون فيه من الصعوبة بعض الشيء، لكنه بالمطلق ليس مستحيلاً أبداً، ولاسيما مع وجود البيئة التشريعية الحكومية الخاصة بإطلاق وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، لكن عدم انتشار وتوسع مروحة هذه المشاريع الإستراتيجية على أرض الواقع وبالشكل المطلوب، دفع بالبعض من أهل الخبرة والاختصاص من داخل الفريق الحكومي وخارجه إلى رسم علامة استفهام كبيرة حول هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة الحاضرة ـ الغائبة ودورها في الترويج لهذه المشروعات وتقديم الاستشارات والدعم لأصحاب هذه المشاريع بالتكافل والتضامن مع كل الجهات الحكومية ذات الصلة ولا سيما المصرفية منها “الزراعي التعاوني والتجاري”، ليس لجهة تحرك مياه هذا الملف الراكدة، وانطلاق هذه المشاريع الكثيفة العمالة وتعظيم ناتجها الذي يقاس بوحده رأس المال “القيمة المضافة ـ رأس المال المستثمر”، وإنما لدعم ورفع الكفاءة الإنتاجية للمشروعات الكبيرة أيضاً، وصولاً إلى إعداد العمالة الماهرة، وخفض تكاليف الإنتاج، وزيادة القيمة المضافة، وجذب المدخرات الفردية والأسرية، بدل تطفيشها وتبديدها هباء منثوراً.
الكنز- عامر ياغي