فيما يبدأ المصرف التجاري السوري يوم غدٍ الإثنين بتلقي طلبات القروض للمشاريع الصغيرة والمتوسطة التي ستكون مدعومة الفائدة تشجيعاً لهذه المشاريع حسب برنامج تمويل نوعي لها كان المصرف قد وضعه بعد توصيات حكومية بهذا الشأن تعهدت بتقديم دعم لسعر الفائدة الخاصة بهذه القروض، فإن مصرف التسليف الشعبي قام يوم الخميس الماضي بوضع ضوابط وتعليمات وشروط جديدة لمنح قروض للمشاريع الصغيرة والمتوسطة تمتد من 30 مليوناً إلى نصف مليار ليرة سورية، في حين كان مصرف التوفير قد أعلن عن طرح منتج جديد يتمثل بمنح قرض عقاري لأصحاب المهن العلمية والحرة وتشمل بعض أصحاب الحرف والورشات والمشاريع الصغيرة عبر تمويلهم لشراء عقار سكني أو تجاري بسقف 100 مليون ليرة سورية.
ووسط هذا الزخم الجديد الذي ربما سينقل واقع المشاريع الصغيرة والمتوسطة من حالٍ إلى حالٍ جديدة، فإن المتعاملين مع المصارف لا شك بأنهم سوف يتضاعفون، وسوف نشهد في العديد من المصارف ازدحاماً شديداً سيُسهم بإرباكها، وبإفشال هذه التوجهات الجديدة نحو العناية بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة ودعمها، أو على الأقل بعرقلتها.
قبل هذه التوجهات الجديدة التي ستزيد من الازدحام حكماً، قصدتُ أحد فروع المصارف الحكومية لإنجاز معاملة بسيطة، كانت أجواء بهو المصرف خانقة، فكراسي الانتظار مليئة بالمتعاملين والمتعاملات الجالسين، وفي الوسط يمتلئ المكان أكثر بالمتعاملين الواقفين، وكل ينتظر دوره في حين لا يتوقف جهاز قطع تذاكر الدور عن العمل، فالزبائن القادمون أكثر من الخارجين.
والمشكلة التي كان يراها الجميع – وتتكرر في كل يومٍ طبعاً – هي أن شبابيك خدمة الزبائن كثيرة، تزيد عن عشرين شباكاً، ولكن لا يعمل منها سوى أربعة والباقي مغلق ..! وقد علمنا أن هناك نقصاً في الكوادر، وأنظمة المصرف وقوانينه لا تتيح له تعيين أي أحدٍ جديد لتشغيل تلك الشبابيك المغلقة، وتسريع إنجاز المعاملات، والتخفيف من الازدحام القاسي الذي يعطي انطباعاً متخلفاً شديد البشاعة.
في الحقيقة لقد أثبتت الوقائع – وخلال سنوات طويلة – أنه لم يكن من المفيد أبداً تطبيق قانون العاملين في الدولة بشكل شاملٍ على جميع المؤسسات الحكومية، فهناك مؤسسات لها طابعها الخاص الذي يجب مراعاته كي لا تتعرض للتراجع وعرقلة الأعمال فيها، وربما يكون هذا الأمر قد برز كثيراً في المؤسسات الإعلامية، وفي شركات القطاع العام الإنشائي، واليوم في المصارف الحكومية.. وغيرها، ولكننا أمام هذا الزخم الجديد الذي سيتضاعف بعده عمل المصارف، بات من الضروري جداً الإسراع في حل هذه المشكلة قبل أن تتفاقم كثيراً، فقانون العاملين لا يتناسب أبداً مع نمط العمل المصرفي، وإدارات المصارف الحكومية تحتاج إلى مرونة كبيرة تمكنها من تلافي هذه المشاكل والعقبات عند اللزوم وبعيداً عن الإجراءات الروتينية المعقدة، فلا تفيد معها انتظار الموافقات على المسابقات ولا التقيد بجداول الرواتب والأجور، ولا العديد من الأعمال وسط مثل هذا الازدحام، وفي غمرة منافسة المصارف الخاصة أيضاً.
أجل .. نتطلع إلى قانون جديد وعصري خاص بالمصارف الحكومية يفصلها كلياً عن مختلف القوانين التي تُعرقل عملها، سواء كان قانون العاملين في الدولة، أم قانون العقود.. أم غير ذلك.
على الملأ- علي محمود جديد