بانتظار تشكيل حكومة جديدة تتعدد الرؤى والتوقعات حول قدرتها ورغبتها وسياساتها في التعامل والتعاطي مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي في ظل استمرار حالة الحصار والعقوبات الاقتصادية واستمرار قوى العدوان بمتابعة تنفيذ حربها الإرهابية بطرائق وأساليب جديدة دوماً ، هدفها الأساسي والأخير يتمثل في إنهاك الدولة وإضعاف القدرة الاقتصادية لديها وتحويلها إلى دولة ضعيفة وكلّ ذلك عبر محاولة القضاء على النموذج الوطني السوري المتكامل الذي أثبت أنه عصي على الاختراق ، وأنه غير قابل للتغير ، ولا يمكن هزيمته أبداً.
وأمام هذا الحال شديد التعقيد ستجد الحكومة الجديدة نفسها أمام تحديات كبيرة يعرفها أبناء الوطن كلّهم ، لكنهم يطلبون من حكومتهم تقديم شيء غير عادي وغير مسبوق في ظل الإمكانات المتاحة والمحدودة ، والتي تحتاج جهوداً غير اعتيادية لتحقيق نجاحات تحاكي تلك الإنجازات العظيمة التي حققها بواسل جيشنا العربي السوري في ميادين القتال حفاظاً على وحدة الوطن وسيادته وحماية حدوده بصورة غير مسبوقة في تاريخ البشرية، فالجيش العربي السوري واجه أعتى وأكبر قوى استعمارية وإرهابية وانتصر عليها لكونه جيشاً مرتبطاً وملتزماً بوطنه وشعبه الذي يمثل أبناءه بكلّ ما يحملون من أصالة وعراقة وانتماء حضاري.
هذا الأمر يجعل مهمة الحكومة القادمة كبيرة وشديدة الحساسية ، فالشعب الذي أنجب هذا الجيش الباسل والذي قدّم أروع الأمثلة في الثبات والعطاء والمواجهة يريد لحكومته الجديدة أن تكون بحجم التحديات الكبيرة المستجدة، وهو يدرك حقيقة الظروف الصعبة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية ، وهو يبدي استعداده لمواجهتها كما كان خلال السنوات العشر الماضية من العدوان .
لقد كانت السنوات الاخيرة كفيلة بإعطاء براهين مؤكدة على التعاون والصبر والمشاركة في البحث عن حلول جذرية لمشكلات أفرزتها الحرب الإرهابية ضد سورية ، إذ لم تترك الحكومات الغربية الاستعمارية أسلوباً للضغط إلا ولجأت إليه ، وهي ما زالت تغزل على ذات المنوال العدواني ، داخلة إلى مرحلة الحصار والضغط والعقوبات وإفراغ البلد من مقدراته العلمية والعملية ، وهو ما يجعل مهمة الحكومة القادمة كبيرة شديدة الصعوبة بظل وجود آمال شعبية كبيرة بالقدرة على تجاوز كلّ تلك المشكلات الناجمة عن ظروف العدوان والحرب الإرهابية ، الأمر الذي يستدعي وجود مبادرات فاعلة في شتى القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية والخدمية تعتمد الإمكانيات المادية المتاحة وتستقوي بعزيمة شعبية قدمت وما زالت على استعداد لتقديم أفضل ما لديها من إمكانيات ، وما ذلك بأمر صعب على شعب صمد طيلة هذه الفترة بوجه أشرس وأعتى آلة عدوان عرفتها البشرية ، وحافظ على بناء الدولة بجميع مؤسساتها التي استمرت بالقيام بدورها في أصعب الظروف وأبشعها عدوانية.
وهكذا يبقى الأمل يحدو أبناء شعبنا دوماً ، وهم إن كانوا يطلبون من حكومتهم الكثير وفوق قدراتها، فذلك لأنهم مؤمنون بقدرة وإمكانيات وطنهم ومقدراتهم.
معاً على الطريق- مصطفى المقداد