يشكل التهرب الضريبي أحد أخطر وأهم المشاكل والعقبات التي تواجه السياسات الاقتصادية والمالية في أي بلد، لكونه يؤدي إلى إضعاف حصيلة الدولة من الموارد ويحد من قدرتها على توفير الإيرادات اللازمة لتمويل الإنفاق وتعطيل مشاريعها الاقتصادية والاجتماعية وتدهور نظامها الاقتصادي، ويقلل من فرص الاستثمار في البنى التحتية والمرافق الضرورية كالصحة والتعليم والخدمات العامة، ويقلص من حجم دعمها للأسعار والسلع والخدمات التي تقدمها، ويترك آثاره السلبية على التنمية بشكل عام ويحول دون تطبيق السياسات الحكومية المقررة.
التهرب الضريبي له تداعيات خطيرة لأنه يؤدي للبحث عن مصادر أخرى لزيادة الموارد الضريبية واللجوء لفرض ضرائب جديدة، أو الزيادة في قيمة الموجودة منها لتأمين الحاجة المتزايدة للإنفاق، وبالتالي ستضطر الدولة لتغطية هذا النقص إلى زيادة العبء الضريبي الملقى على كاهل الموظفين ذوي الدخل الثابت وغيرهم ممن تقتطع ضرائبهم على الدخل من المنبع، وهذا بدوره يؤثر سلباً في توزيع الدخل ومبدأ العدالة الضريبية والنمو الاقتصادي ويحول دون إرساء منظومة ضريبية عادلة.
المتتبع لبنية وحصيلة الإيرادات الضريبية على مدى عقود من الزمن يلاحظ ارتفاع حصيلة الضرائب غير المباشرة مقارنة بضرائب الأرباح الحقيقية المحصلة من القطاع الخاص نتيجة اتباعه لطرق ملتوية وأساليب احتيالية لتجنب أداء القيمة الحقيقية لما في ذمته تجاه الإدارة الضريبية.
التهرب الضريبي آفة خطيرة تمتص الموارد وتعيق مسيرة التنمية وتقف حائلاً أمام توفير بنية تحتية حديثة ومتجددة وتقديم خدمات اجتماعية متطورة، لذلك يجب محاربته من خلال إصلاح النظام الضريبي ووضع عقوبات رادعة بحق المتهربين وزيادة كفاءة الإدارة الضريبية والعاملين فيها، وهذا ما أكد عليه السيد الرئيس بشار الأسد في كلمته خلال ترؤسه اجتماع الوزارة الجديدة بعد أدائها اليمين الدستورية حيث قال سيادته:
“لا يمكن أن يكون هناك إصلاح اقتصادي من دون إصلاح مالي، ولا يمكن أن يكون هناك إصلاح مالي من دون إصلاح ضريبي”. إذاً نجاحنا في معالجة أو تطوير النظام الضريبي وتحسين مستوى المؤسسات ورفع أداء الكوادر، عندها نتمكن من الوصول للهدف الأساسي وهو عدالة ضريبية ومكافحة تهرب ضريبي، وعندما نتمكن فعلاً من مكافحة التهرب الضريبي وهو ثغرة كبيرة جداً في الاقتصاد السوري.. عندما نتمكن من مكافحتها فستحصّل الدولة مبالغ كبيرة من الأموال وسوف تكون قادرة على تقديم خدمات أفضل للمواطنين.
أروقة محلية -بسام زيود