الثورة أون لاين :
شكلت تجربة الشاعرة السورية هيلانة عطا الله ملمحاً في الإبداع الشعري السوري خلال العقد الأخير من الزمن بعد أن عادت للتفرغ للعمل الإبداعي إذ كانت دروب الحياة قد سرقتها من الإبداع إلا لماما.. وها هي اليوم بحضور قوي وفاعل تشغل مكانتها التي تستحق.
إبداعها الثر متجذر بتراب الوطن هاجسه الإنسان العربي السوري.. انتماؤها عمق قاسيون.. بيادر قمحها لا زؤان فيها.
من بستان إبداعها اخترنا التالي
تقول هيلانة عطاالله:
بين وجهي والطريق
سنواتٌ تلاشت في الضباب
وحكاياتٌ نبيلاتٌ نثرَتْها الريحُ
في أفواهِ الغرباء
هذه الليلةَ رأيتُ مناقيرَ الشوق
تنقرُ قمحَ الذكريات
وهي كلُّ ما تبقّى لي من ثروة خبّأتُها
منذ كان الحقلُ متصالحاً مع السنابل
وكان لي وطنٌ لا يخافُ الشمسَ
وعنوانٌ ترتادُهُ العصافيرُ
وتمارسُ فيه السواقي طقسَ الغناء
اليومَ لا يمكن للمسافاتِ تأويل الحلمِ
لأن الدروبَ لا تنام
كلَّ ليلةٍ تقتاتُ بنفسجَ الروح
وتتلوّى على شهقاتِ العابرين إلى المدينة
هذه المدينةُ حبلى باللقطاء
وبائعاتِ النهودِ
وأنا فيها لا أراني
ملامحي غدتْ كلوحةٍ لامرأةٍ
لم يكملها الرسامُ
لأنهم قطعوا أصابعَه
فظلّ واجماً أمامها كالجدار
لن يكسرَ صمتَهُ سوى فمٍ
يصرخُ في اللوحةِ
فيرتطمُ صداهُ بعقمِ المستحيل
بين وجهي والطريق
طفلةٌ تقضمُ حجارةَ الحلمِ
وتشربُ دمعَ الغياب
تهمسُ في سرِّها:
ليتهم يدركون
كيف يصيرُ البكاءُ صلاة