الثورة أون لاين – دينا الحمد:
اليوم الحادي والعشرون من آب يصادف الذكرى الثانية والخمسين لإحراق المسجد الأقصى المبارك على أيدي المتطرفين الصهاينة، وبحماية جنود الاحتلال وتشجيعهم، ومنذ ذلك التاريخ وحتى يومنا الراهن يقوم آلاف المستوطنين الإسرائيليين بشكل شبه يومي باقتحام المسجد بحراسة شرطة الاحتلال، ووسط استفزازات المصلين وحراس المسجد من خلال محاولة أداء طقوس تلمودية من قبل المتطرفين الصهاينة، دون أي محاسبة أو رادع من قبل المؤسسات الدولية ومما يسمى المجتمع الدولي.
ففي يوم 21 آب من عام 1969 أقدم بعض المتطرفين الصهاينة بتشجيع من سلطات الاحتلال الصهيونية، وتخطيط استخباراتها وحاخاماتها المهووسين بالجريمة وقتل العرب وحرق تراثهم وتاريخهم وحضارتهم، على إشعال النيران بالمسجد الأقصى، بهدف تدمير المسجد وبناء كنيس يهودي على أنقاضه تحت مزاعم إعادة بناء الهيكل المزعوم، وبدأت الجريمة على يد شخص أسترالي الجنسية يدعى “مايكل دنيس روهن” حيث التهمت النيران فوراً كامل محتويات الجناح الشرقي للجامع القبلي الموجود في الجهة الجنوبية من المسجد.
وبعد أن شبّ الحريق بالجناح المذكور، والتهم كامل محتوياته، بما في ذلك منبر صلاح الدين الأيوبي التاريخي، فقد تم تهديد قبة المسجد الأثرية المصنوعة من الفضة الخالصة، وتمت تلك الجريمة تحت أنظار ما يسمى المجتمع الدولي ومنظماته السياسية والقانونية، التي بقيت تتفرج على حريق الأقصى وحريق فلسطين المحتلة من البحر إلى النهر حتى يومنا الحاضر، دون أن تضع حداً لأي جريمة من جرائم الكيان الإسرائيلي بحق الفلسطينيين.
واليوم وبعد مضي نصف قرن ونيف على تلك الجريمة النكراء بحق المقدسات فإن الانتهاكات الإسرائيلية مازالت تتصاعد في ظل صمت دولي مطبق، ومازالت الحرائق تشتعل في كل فلسطين والمنطقة بسبب الإرهاب الصهيوني، ومازال المسجد الأقصى تحديداً يتعرض للتدنيس من قبل المستوطنين وجنود الاحتلال، فالاقتحامات الإسرائيلية لباحاته تتكرر يومياً، والحفريات في محيطه ومحاولات إسرائيل التدخل في شؤونه عبر فرض القيود على عمل دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس لا تتوقف، واعتقال وإبعاد المصلين يكاد يكون صورة يومية تتناقلها عدسات المصورين، ومنذ العام 2003، سمحت الشرطة الإسرائيلية ودون موافقة دائرة الأوقاف الإسلامية بمدينة القدس للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى من خلال باب المغاربة في الجدار الغربي للمسجد وسط استفزازات المصلين من قبل المتطرفين الصهاينة.
المفارقة الصارخة هنا أن حريق الأقصى ورغم أنه أثار آنذاك استنكاراً دولياً، واجتمع مجلس الأمن الدولي وأصدر قراره رقم 271 لسنة 1969 بأغلبية 11 صوتاً وامتناع أربع دول عن التصويت من بينها الولايات المتحدة الأميركية، والذي أدان فيه الكيان الإسرائيلي ودعاه إلى إلغاء جميع التدابير التي من شأنها تغيير وضع القدس، إلا أن هذا المجتمع الدولي ومعه مجلس الأمن لم يحركا ساكناً على أرض الواقع، وبقي الاستنكار ومعه القرارات في أدراج نسيان هذا العالم الذي يدعي التحضر والدفاع عن حقوق الإنسان وصون التراث الإنساني.