الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
تسببت الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على الإرهاب في مقتل ما يقرب من مليون شخص على مستوى العالم وتكلفتها أكثر من 8 تريليونات دولار، وذلك منذ أن بدأت هذه الحرب قبل عقدين من الزمن.
تأتي هذه الأرقام المذهلة من تقرير تاريخي صدر يوم الأربعاء الماضي عن مشروع تكاليف الحرب بجامعة براون، وهو جهد بحثي مستمر لتوثيق التأثير الاقتصادي والبشري للعمليات العسكرية بعد هجمات 11 أيلول.
هذا التقرير، الذي يبحث في حصيلة الحروب التي شُنّت على العراق وسورية وأفغانستان وباكستان والصومال ومناطق أخرى تشارك فيها الولايات المتحدة عسكرياً، هو الأحدث في سلسلة نشرها مشروع تكاليف الحرب، ويقدم التقرير الأكثر شمولاً المحاسبة العامة حتى الآن عن عواقب النزاعات الأمريكية المفتوحة في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأفريقيا، والتي يشار إليها اليوم باسم “الحروب الأبدية”.
قالت نيتا كروفورد، المديرة المشاركة للمشروع: “من الأهمية بمكان أن نأخذ في الحسبان العواقب الهائلة والمتنوعة للحروب الأمريكية العديدة وعمليات مكافحة الإرهاب منذ 11 أيلول، حيث نتوقف مؤقتاً ونفكر في جميع الأرواح التي فقدناها، وحساباتنا تتجاوز أرقام البنتاغون لأن تكاليف رد الفعل على الحادي عشر من أيلول قد امتدت إلى الميزانية بأكملها”.
إن التكاليف الاقتصادية الهائلة للحرب على الإرهاب باهتة مقارنة بالتأثير البشري المباشر، حيث تُقاس بعدد القتلى والجرحى والنازحين من منازلهم، حيث تشير أحدث تقديرات مشروع تكاليف الحرب إلى أن ما بين 897000 و 929000 شخص قد لقوا مصرعهم خلال الحروب.
ومن بين القتلى، تم تصنيف 387 ألفاً على أنهم مدنيون، و 207 آلاف أفراد في الجيش الوطني وقوات الشرطة، و301 ألفاً آخرين قتلوا على يد قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة وحلفائها، ووجد التقرير أيضاً أن حوالي 15000 من أفراد الخدمة العسكرية الأمريكية والمتعاقدين قتلوا في الحروب، إلى جانب عدد مماثل من القوات الغربية المتحالفة المنتشرة في النزاعات وعدة مئات من الصحفيين وعمال الإغاثة الإنسانية.
كانت مسألة عدد الأشخاص الذين فقدوا أرواحهم في نزاعات ما بعد 11 أيلول موضوع نقاش مستمر على الرغم من أن الأرقام في جميع الحالات كانت عالية بشكل غير عادي.
وقدرت دراسات تكاليف الحرب السابقة أعداد القتلى بمئات الآلاف، وهو تقدير يحصي عدد القتلى مباشرة بسبب العنف، ووفقاُ لتقدير عام 2015 من منظمة أطباء من أجل المسؤولية الاجتماعية الحائزين على جائزة نوبل، قُتل أكثر من مليون شخص بشكل مباشر وغير مباشر في الحروب في العراق وأفغانستان وباكستان وحدها، إلا أنه تزداد صعوبة حساب عدد القتلى بسبب رفض الجيش الأمريكي تتبع عدد القتلى في عملياته، فضلاً عن بُعد المناطق التي تدور فيها العديد من النزاعات.
ومثل معظم الدراسات السابقة، يركز عدد القتلى المحسوب من خلال مشروع تكاليف الحرب فقط على الوفيات الناجمة مباشرة عن العنف أثناء الحرب العالمية على الإرهاب ولا يشمل “الوفيات غير المباشرة، أي تلك الناجمة عن فقدان الوصول إلى الغذاء والماء أو البنية التحتية، أو الأمراض المرتبطة بالحرب التي نتجت عن الصراعات”.
كما تشير عناوين التقرير أيضاً إلى أن “بعض الأشخاص المصنفين كمقاتلين للمعارضة ربما كانوا في الواقع مدنيين أيضاً، نظراً لوجود حوافز سياسية لتصنيف القتلى كمسلحين وليسوا مدنيين”، وهذا يتوافق مع ممارسات الحكومة الأمريكية المعترف بها، وهو وصف أي “ذكور في سن التجنيد” قتلوا في عملياتها بالمقاتلين ما لم يثبت خلاف ذلك، وقد استمرت هذه الممارسات عبر إدارات متعددة.
وتضمن تحقيق حديث أجراه الموقع الإخباري Connecting Vets الذي يركز على الجيش فيديوهات مسربة وحسابات من حملة الطائرات بدون طيار لعام 2019 في ولاية هلمند في أفغانستان، حيث تضمنت القصة شهادة من مشغلين سابقين لطائرات بدون طيار قالوا إنهم حصلوا على الضوء الأخضر لقتل أي شخص شوهد يحمل جهاز اتصال لاسلكي أو يرتدي سترة تكتيكية في المقاطعة، التي كانت تعاني من ضعف الأمن وتفتقر إلى خدمة الهاتف الخليوي الموثوقة.
وبالنسبة لبعض المسؤولين الأمريكيين المرخص لهم بالإذن بضربات الطائرات بدون طيار، والمحبطين بسبب عدم قدرتهم على تحقيق نصر استراتيجي أو حتى شروط تفاوضية مواتية مع طالبان، كان “مقياس النجاح هو زيادة عدد الجثث”.
أما التكاليف الاقتصادية التي حصرها التقرير فتقدر بحوالي 2.3 تريليون دولار أنفقتها الحكومة الأمريكية على العمليات العسكرية في أفغانستان وباكستان ، و 2.1 تريليون دولار في العراق وسورية ، و 355 مليار دولار في الصومال ومناطق أخرى من إفريقيا، كما تم إنفاق 1.1 تريليون دولار إضافية على تدابير الأمن الداخلي في الولايات المتحدة منذ عام 2001 ، ما رفع النفقات المباشرة من الحرب على الإرهاب في الداخل والخارج إلى 5.8 تريليون دولار.
ومع ذلك، فإن هذا لا يمثل كامل النفقات التي تفرضها الحروب، فقد عاد عشرات الآلاف من الجنود الأمريكيين من مناطق حرب أجنبية مشوهين ومصابين بصدمات نفسية، مما حوّل الكثيرين منهم إلى معالين للحكومة الفيدرالية على المدى الطويل.
ومن المرجح أن تتجاوز تكلفة توفير الرعاية الطبية والإعاقة لهؤلاء المحاربين 2.2 تريليون دولار بحلول عام 2050 من اجماليها الحالي بعد 11 أيلول البالغ 465 مليار دولار، وبذلك يصل إجمالي الفاتورة الاقتصادية للحروب إلى 8 تريليون دولار.
يجمع التقرير عدة مصادر مختلفة لإعطاء إجمالي تكلفة حروب ما بعد 11 أيلول، بما في ذلك مخصصات وزارتي الدفاع والخارجية للنفقات المتعلقة بالحرب، زيادات في ميزانية التشغيل الأساسية لوزارة الدفاع، مدفوعات الفائدة المصروفة على الاقتراض، الأموال الملتزم بها لخدمات شؤون المحاربين القدامى في المستقبل، وإنفاق وزارة الأمن الداخلي على منع الهجمات الإرهابية والتصدي لها، حتى هذا الحساب الشامل لا يعطي الصورة الكاملة للنفقات الأمريكية. الرقم الإجمالي للتقرير البالغ 8 تريليون دولار لا يشمل الأموال التي تم إنفاقها على المساعدات الإنسانية في منطقة الحرب والتنمية الاقتصادية ، كما أنه لا يأخذ في الاعتبار مدفوعات الفوائد المستقبلية التي سيتم تكبدها على المبالغ الضخمة.
يبدو أن الصراعات ليس لها نهاية في الأفق، حتى مع وضع الولايات المتحدة خططاً لتخليص نفسها من احتلالها لأفغانستان الذي استمر لمدة 20 عاماً.
“ما الذي انجزناه حقاً في 20 عاماً من حروب ما بعد 11 أيلول؟ ملايين الأرواح وتريليونات الدولارات في وقت لاحق، من ربح؟ من خسر وبأي ثمن؟ “.
قالت ستيفاني سافيل، المدير المشارك لمشروع تكاليف الحرب:”بعد عشرين عاماً من الآن، سنظل نتعامل مع التكاليف الاجتماعية الباهظة لحرب أفغانستان والعراق، حتى بعد فترة طويلة من رحيل القوات الأمريكية.”
المصدر:
Global Research