الثورة أون لاين – غصون سليمان:
يؤكد الخبراء أن التعلم هو افضل شيء يقوم به دماغ الإنسان ،حيث يغير التعلم الدماغ ،لأن الدماغ يستطيع أن يعيد تنظيم نفسه، مع كل محفز وخبرة وسلوك جديد.
وبفضل التقدم الذي أحرز في تقنيات مراقبة العمليات الكهربائية والكيميائية التي تحدث في الدماغ الحي ،أصبح باستطاعة العلماء اليوم تزويدنا بالمزيد من المعلومات عن كيفية تطور الدماغ من خلال اجماع معظمهم على عدة نقاط أولها أن “كتل البناء ” الخاصة بنمو الدماغ تتشكل قبل الولادة بنسبة ٦٠% من الجينات البشرية تختص بنمو الدماغ ، في حين أن الدماغ لا يكون مكتملا عند الولادة الا بنسبة ٢٥% تقريبا ،إذ ينمو الدماغ ويكبر خلال السنة الأولى من العمر بشكل أسرع مما كان يعتقد في السابق.
وتشير المادة العلمية الخاصة بالحقيبة التدريبية لمنهاج رياض الأطفال الخاص بالمركز الاقليمي لتنمية الطفولة المبكرة .
على أن الأشهر الأولى التي تلي الولادة مباشرة تتسم بأهمية بالغة بالنسبة لنضج الدماغ . فخلال هذه الفترة يتزايد عدد نقاط الاتصال بين الخلايا العصبية ” وهي النقاط التي تتيح التعلم “لتبلغ عشرين ضعفا ، وبالتالي يتأثر نمو الدماغ بالمحيط الذي يولد فيه الطفل تأثرا يفوق ما يمكن ان يظنه المرء ،وتعتبر التغذية أوضح مثال على ذلك.
ويوضح مضمون المادة العلمية طبيعة تفاعل الطفل مع الآخرين وتجاربه المتراكمة في مجالات الصحة ، التغذية، العناية والتحفيز ، خلال الأشهر الثمانية عشرة الأولى ما يساهم في نموه ، بينما قد يعاني الأطفال الذين يعيشون في بيئات فقيرة من بعض النواقص يصعب تداركها فيما بعد ، كما ان البيئة التي يولد فيها الطفل تؤثر في نمو دماغه تأثيرا يستمر لفترة طويلة.
وتشكل التغذية الجيدة للطفل ، مع توافر الألعاب المناسبة لديه وتحفيزه على التفاعل مع الآخرين خلال السنوات الأولى ، عوامل تنعكس ايجابا على أداء دماغه عند بلوغه سن الخامسة عشرة .
فالأطفال الذين عانوا توترا عصبيا شديدا في سنيهم الأولى يكونون أكثر عرضة من سواهم للمشكلات المعرفية والسلوكية والعاطفية .
ومما ذكرته معطيات المادة العلمية لمنهاج رياض الأطفال، من أن هناك منبه ما للدماغ وقد يكون هذا المنبه داخليا “استدرار أفكار ” أو قد يكون خبرة جديدة كحل لغز صور متقاطعة، بعد ذلك يتم فرز أو تحديد المنبه وتتم معالجته على عدة مستويات، وأخيرا تتشكل الذاكرة التي يمكن أن تسترجع ذلك المنبه، وهذا يعني ببساطة أن أجزاء المعلومات موضوعة في أماكنها المناسبة لكي يتم تنشيط الذاكرة بسهولة .
وعن أهمية هذا النشاط وادراجه في منهاج رياض الأطفال بينت الدكتورة كفاح حداد مديرة المركز الاقليمي للطفولة المبكرة على ان هذا الأمر يستحق منا كمربين ومربيات معنيين بشأن الطفولة ، أن نفهم أسس هذه الخطوات ، فذلك قد يعطينا تبصرا مفيدا في كيفية تعلم الطلاب بالنسبة لأدمغتنا ، فنحن إما أن نقوم بعمل شيء نعرف مسبقا كيف نؤديه ،أو نقوم بعمل شيء جديد .
وقالت حداد اذا كنا نكرر فعل شيء تعلمناه مسبقا فإن هناك فرصة جيدة لأن تصبح الممرات او الطرق العصبية فاعلة أكثر . حيث يعتمد التعلم على قدرة الدماغ على معالجة وتحليل المعلومات ، بعدما أظهرت دراسات البحث الدماغي ، أن نمو الدماغ يكون تقريبا قد اكتمل في حلول الوقت الذي يدخل فيه الطفل إلى المدرسة ، لذلك فإن عملية تفاعل الطفل مع محيطه خلال سني عمره الأولى تؤثر بشكل كبير في نمو الوصلات العصبية وأيضا في هندسة الدماغ وعمله.
وبالتالي من المفيد أن يعرف المربون والمربيات ثقافة النمو هذه لتعزيز مفهوم الرعاية والاهتمام للأطفال بما يناسب البيئات التربوية والحياتية المختلفة.