الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
لقد فشلت القرارات الهامة التي اتُخذت خلال حقبة ما بعد عام 2001 في السيطرة على الأسلحة بجميع أنواعها، ولكن حان الوقت الآن لتصحيح هذه الأخطاء. ففي الأسابيع التي أعقبت هجمات 11 أيلول، قال محللون أن كل شيء سيتغير، وثبت لاحقاً أنهم على صواب.
وتماماً كما تأثرت العقود التي أعقبت الحربين العالميتين بشدة بنتائجها وفظائعها، كانت “الحرب على الإرهاب” هي الخلفية التي حددت نغمة معظم التفاعلات الدولية على مدار العشرين عاماً الماضية.
ومع ذلك، قبل أسابيع قليلة من الهجمات، كان هناك إجراءان دوليان للحد من التسلح في الأمم المتحدة (UN) كان من الممكن أن يغيرا التاريخ المستقبلي لهذه القضية إلى الأفضل، ولكن مع تغير المسار العالمي، انتهى الأمر بكلا الإجراءين إلى خلق تداعيات كبيرة على المستوى العالمي.
كان الإجراء الأول هو بذل جهد دولي لمعالجة مشكلة الاتجار غير المشروع، فقد تم تبني برنامج عمل الأمم المتحدة لمنع الاتجار غير المشروع بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة ومكافحته والقضاء عليه في تموز 2001، وذلك بعد المحاولات المتكررة لإضعافه من إدارة بوش المنتخبة حديثاً في الولايات المتحدة، وتم بناؤه لاحقاً ليشمل الصكوك القانونية لتعقب الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة.
أدى هذا في النهاية إلى معاهدة تجارة الأسلحة لعام 2013 لمنع بيع الأسلحة لمنتهكي حقوق الإنسان، ولكن كما ظهر بوضوح شديد في الأسابيع الأخيرة مع قدرة طالبان على تأمين المزيد من الأسلحة للاستيلاء على كابول، فقد ثبت أن فعاليتها محدودة للغاية.
ولو كان برنامج العمل المتعلق بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة ومعاهدة تجارة الأسلحة اللاحقة نُفذا بشكل صحيح، لوجدت المنظمات الإرهابية صعوبة أكبر في شراء الأسلحة لتنفيذ هجماتها، ولما كانت حركة طالبان وجدت ما يساعدها على هزيمة الجيش الأفغاني.
في كانون الأول 2001 أعطت الولايات المتحدة أيضاً إشعاراً بالانسحاب من معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية، والتي ساعدت كثيراً في المناقشات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وروسيا بشكل خاص حول مسألة الأسلحة النووية ومنع الأسلحة في الفضاء.
وعلى الرغم من أن الانسحاب لم يكن مفاجئاً، إلا أنه أزال القيود المفروضة على تطوير أسلحة فضائية جديدة، كما حدد أسلوب السيطرة على الأسلحة بين الولايات المتحدة وروسيا.
وليس من قبيل المصادفة أنه بعد كل هذه القرارات الهامة في أواخر عام 2001، عادت المخاوف في الولايات المتحدة بشأن أسلحة الدمار الشامل في العراق إلى الواجهة بعد عام واحد فقط من الهجمات، ولكن مع الفشل في العثور على أي أسلحة بيولوجية أو أسلحة كيميائية مزعومة، وعدم وجود دليل على برنامج نووي سري، كان من الواضح أن المخابرات الغربية، غير متأكدة من معلوماتها وأن تفسيرها السياسي قد أخطأ بشكل كبير.
فعلى الرغم من هذه الشكوك، خاضت الولايات المتحدة وحلفاؤها الحرب في العراق، وقاموا بتصفية حسابات قديمة، وأعادوا كتابة القواعد في الشرق الأوسط ، فساهمت هذه القرارات بكل مشكلات المنطقة، وكان آخرها سقوط كابول في أيدي حركة طالبان في آب 2021.
وتجدر الإشارة بشكل خاص إلى أن النمط المتعلق بامتثال روسيا لاتفاقيات الحد من التسلح، يستمر في التكرار بالرغم من تهديد واشنطن بالانسحاب، وخلال إدارة أوباما، تفاوضت الولايات المتحدة وروسيا بالفعل على معاهدة ستارت الجديدة التي أعادت السيطرة على الأسلحة النووية الاستراتيجية إلى مسارها الصحيح، كما أدى انتخاب الرئيس بايدن إلى تمديد معاهدة ستارت الجديدة وإعادة المناقشات الاستراتيجية مع روسيا.
كما وضع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رؤية إستراتيجية لأوروبا، والتي تدعو إلى نهج دولي جديد ومنسق للتعامل مع أزمة الحد من التسلح، ودعا الأمين العام لحلف الناتو مؤخراً ينس ستولتنبرغ إلى تحديث الحد من التسلح مع إدراج الصين.
على الرغم من أن COVID-19 قد عطل الكثير من الخطاب الدولي حول الحد من التسلح، ومؤتمر نزع السلاح في جنيف، ومؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) الذي تأخر كثيراً، إلا أنه يمكن التوصل إلى إجماع دولي جديد بشأن إطار طويل الأجل ومرن وفعال للحد من التسلح.
ومثلما أصبحت أحداث 11 أيلول بحد ذاتها نقطة تحول رئيسية، فإن ذكراها العشرين هي وقت مناسب لتطوير نهج دولي جديد مبني على تحليلات قوية وصحيحة، والآن فقد بدأت تلوح في الأفق موجة جديدة من الانتشار النووي والأسلحة في الفضاء وتجارة الأسلحة غير المقيدة، لذلك يجب على القادة والمسؤولين استغلال الفرص لمنع حدوث كوارث حقيقية وخطيرة تنتظر العالم.
المصدر: Chatham House