افتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير-علي نصر الله:
من المُؤكد أن لقاء القمة الذي عُقد في موسكو بين السيد الرئيس بشار الأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيبقى محل قراءة وتحليل لوقت غير قصير نظراً لأهميته، في توقيت انعقاده، بما رَسمه من مُعادلاتٍ للغد، بما يُرسخ من تحالف متين بين البلدين الصديقين، وبما يُثَبِّتُ من رؤية مُشتركة لهما تُؤكد الأحداث والتحولات الحاصلة والناجزة صَوابيتها في كل الاتجاهات.
لا يَخفى أنّ قمة موسكو خطوةٌ تستكمل خطواتٍ من التعاون الثنائي السوري – الروسي في مكافحة الإرهاب ودَحره، في تحرير الجغرافيا والقضاء على التنظيمات الإرهابية، في طَيّ صفحة مُخططات الهيمنة والاحتلال، في ترسيخ الأمن والاستقرار، وفي تطوير العلاقات الاقتصادية بمواجهة العقوبات الأميركية، وقد تَحَققَ الكثير بهذه الاتجاهات سواء بمُؤشرات التبادل التجاري والاستثمارات والعلاقات الثنائية، أو بتَحَقُق إنجازات ميدانية عظيمة تمت منذ 30 أيلول 2015 الذي كان مفصلياً في مسارات الحرب على الإرهاب.
من بعد الناجز في درعا والمنطقة الجنوبية الذي يَستكمله جيشنا الباسل، من الطبيعي أن تتجه الأنظار باتجاه منطقة الجزيرة والمنطقة الشمالية والشمالية الغربية، حيث توجد بؤر الإرهاب الذي تَرعاه واشنطن وأنقرة، وحيث الاحتلال البغيض الأميركي والتركي الذي ينبغي أن ينتهي وتُطوى صفحته بكل السبل المُتاحة لتُطوى معه صفحات العدوان وما احتوته من أوهام عثمانية صهيو أطلسية.
الملامحُ الأساسية للمرحلة المُقبلة على صعيدي تطوير التعاون الثنائي السوري – الروسي، واستكمال العمل السياسي والعسكري الميداني، حَددها لقاء الرئيسين الأسد وبوتين، وإذا كانت اللجان المُشتركة تُعنى في هذه الأثناء بترجمتها عملاً وفعلاً حقيقياً سيُضيف بمُنعكساته ونتائجه الكثير من الوقائع التي تُسجل تطورات حتمية بمواجهة الأطراف التي تتعمد المماطلة ومحاولة التملص من استحقاقات المرحلة، فإنّ هذه الأطراف لاسيما التركي والأميركي مَدعوةٌ لفهم الوضع وعدم إساءة التقديرات خاصة في ظل التحولات الكبرى الجارية إقليمياً ودولياً.
إنّ العودة إلى المُربعات الأولى مُستحيلة، وإنّ محاولة التلاعب والالتفاف على الواقع بفبركة أكاذيب جديدة أو بإعادة إنتاج المُمزق مما جرى استخدامه هي محاولة مَحكومة ليس بالفشل فقط، وإنما بارتدادات قد تتجاوز حسابات الواهمين، وهنا يَجدر بأنقرة أن تعود إلى تفاهمات سوتشي ومُخرجات أستانا وتَفي بتعهداتها، وأن تَكفَّ عن محاولة تعزيز وجودها الاحتلالي وأن تُوقف دعمها للتنظيمات الإرهابية، وأن تُدرك أن الوقت يَنفد، وأنّ تمديداً جديداً للمُهل الزمنية ليس له فُرصة للطَّرح وليس القَبول!.
الرئيسان الأسد وبوتين، في تأكيدهما أهمية استكمال العمل على جميع المسارات لتَعميق التعاون – بالتوازي – الاقتصادي منه والسياسي والعسكري، إنما يَضعان مُحددات للمرحلة القادمة، ويَصوغان مُعادلات تعاون وقوّة وردع، لا بَيانات تُتلى، ويُفترض بالآخرين أن يكونوا قد خَبروا ذلك خلال السنوات الست الماضية، على أقل تقدير، فهل وصلت الرسالة؟.