الثورة أون لاين – دينا الحمد:
بعد أن افتتحت الجمعية العامة للأمم المتحدة أعمال دورتها السادسة والسبعين أمس فإن السؤال الجوهري الذي يلقي بأضوائه على آلية عمل الأمم المتحدة بشكل عام هو: متى ستتحرر مؤسسات المنظمة الأممية من الهيمنة الأميركية والغربية على قراراتها وتتحول إلى قوة فاعلة في ترسيخ الأمن والسلم الدوليين وتحقيق الرخاء والازدهار للشعوب كما نصت المبادئ التي قامت عليها والأهداف التي وضعتها منذ عقود من الزمن؟.
قبل الإجابة عن هذا السؤال الهام لا بد من التوقف عند خطاب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال افتتاحه أعمال الدورة الجديدة حيث أكد على أنه ينبغي وقف الحروب، وأن الوقت حان للتركيز على محاربة العدو المشترك للبشرية المتمثل بجائحة كوفيد 19 لأن الجائحة جعلت أهداف التنمية المستدامة بعيدة المنال، مطالباً الدول بتسريع الاستجابة لمكافحة الوباء من خلال ضمان اللقاحات والعلاج والخدمات الأساسية للجميع بما في ذلك الرعاية الصحية والتغذية والمياه والتعليم والحماية والمساواة الكاملة للفتيات والنساء، وداعياً الدول الأعضاء إلى تحفيز روح التعددية لمواجهة التحديات التي تهدد البشرية جمعاء ولافتاً إلى أن التعددية هي السبيل الوحيد لمستقبل أفضل للجميع من خلال الإجراءات والتعاون.
من هنا، من كلام غوتيريش، نستطيع الإجابة عن ذاك السؤال الجوهري، فالأمين العام للمنظمة الدولية يطالب بوقف الحروب، وهو يعلم قبل غيره أن مجلس الأمن الدولي ومنظمته الأممية غير قادرتين على لجم الحروب التي تشنها أميركا على العالم، ويدرك جيداً أنهما كانتا صامتتين على العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني طوال عقود من الزمن ولم تحركا ساكناً تجاهه، ويدرك أيضاً أنهما كانتا شاهدي زور على الحرب الإرهابية على الشعب السوري خلال السنوات العشر الماضية ولم يتخذا قراراً واحداً يضع حداً لهذه الحرب العدوانية، بل لا يستطيعان ذلك.
الأمر ذاته ينطبق على عشرات القضايا التي تمس أمن العالم واستقراره وازدهاره وغياب الأمم المتحدة وجمعيتها العامة وبقية مؤسساتها شبه الكلي عنها، وهو ما يجعلنا نعيد طرح عشرات الأسئلة والاستفسارات على عمل المنظمة الدولية برمته، وخصوصاً في ظل سيطرة القوى العظمى على قراراتها واستخدامها مطية لتحقيق سياساتها العدوانية ضد الشعوب، وأول هذه الاستفسارات عن مدى قدرتها على تجديد أهدافها ومبادئها وميثاقها بحيث تتحرر من هيمنة الولايات المتحدة وحلفائها عليها .
إن الحل الوحيد أمام الجمعية العامة كي تمارس دورها الحقيقي يتطلب العودة إلى قرارها الذي أصدرته عام 1974 القاضي بإعادة النظر في ميثاق الأمم المتحدة والبحث في السبل المؤدية إلى تعزيز دور المنظمة وجعلها أكثر فاعلية كي يحل العدل والمساواة بين الدول الأعضاء محل الظلم والعدوان وتوفير الأمان لدول العالم الثالث التي تقيدها الدول الاستعمارية، وثني الدول الغربية عن تنفيذ الخطط الهادفة إلى اضطهاد الشعوب بذرائع وهمية ترمي للسيطرة عليها واستعبادها، وكذلك حل مشكلات الغذاء والطاقة والبيئة واللاجئين وحل القضية الفلسطينية بشكل عادل والحد من التسلح وحظر إجراء التجارب النووية ومحاربة الإرهاب ومحاسبة مموليه ومنع غزو الشعوب باسم محاربة الإرهاب، وبغير هذا ستظل المنظمة الدولية الأداة والمطية لأميركا وحلفائها لتنفيذ أجنداتهم الخفية والعلنية، وستظل مؤسساتها تدور في حلقة مفرغة!.
التالي