الثورة أون لاين – سامر البوظة:
حالة الصدمة والتخبط لا تزال هي السائدة داخل كيان الاحتلال وعلى جميع المستويات السياسية والأمنية على خلفية الصفعة القوية التي تلقتها منظومتهم الأمنية والعسكرية بعد أن تمكن 6 من الأسرى الأبطال من انتزاع حريتهم بأيديهم من سجن جلبوع الأسبوع الماضي, والذي يعد من أكثر المعتقلات تحصيناً وحراسة, وهو ما تعكسه الحالة الهستيرية والتصعيد الوحشي المستمر الذي تمارسه سلطات الاحتلال ومصلحة إدارة سجونها بحق الأسرى من قمع وتنكيل, وما تقوم به من إجراءات انتقامية بحق عائلات الأسرى المتحررين وأقاربهم للتضييق عليهم وابتزازهم وترهيبهم, في خرق فاضح للاتفاقيات والمواثيق الدولية.
للأسف, بعد خمسة أيام من الاستنفار الأمني وحملات التفتيش المسعورة تمكنت قوات الاحتلال من إعادة اعتقال 4 من الأسرى الستة المحررين, وهو ما تحاول سلطات الكيان تصويره على أنه إنجاز أمني في محاولة يائسة للتغطية على فشلها أمام إرادة المقاومة التي حطمت قيد السجان وأثبتت مرة أخرى أن تلك الإرادة لا يمكن أن تقهر أو تهزم, فالإنجاز الذي حققه الأسرى الستة وجه صفعة قوية للكيان الصهيوني وأظهر ضعفه وهشاشة منظومته الأمنية التي لطالما ظل يتباهى بقوتها وبالحراسة المشددة والتحصينات القوية داخل معتقلاته التي ظل يدعي أنه لا يمكن اختراقها لما تمتلكه من تكنولوجيا متطورة وتقنيات وكاميرات مراقبة هي الأحدث على مستوى العالم, الأمر الذي حول الحادثة إلى مادة دسمة للسخرية على الاحتلال وعلى منظومته الأمنية في وسائل الإعلام العالمية وعلى منصات التواصل الاجتماعي, وحتى في داخل كيان الاحتلال وفي وسائل إعلامه.
واقعة الهروب من سجن جلبوع لم تكن الأولى, حيث سبقها العديد من المحاولات بعضها كان ناجحاً والبعض الآخر باء بالفشل, وبالعودة للتجربة النضالية الفلسطينية نجد ما لا يقل عن تسع عمليات “انتزاع حرية” للأسرى من سجون الاحتلال منذ عام 1967 وحتى الآن, أبرزها العملية التي سميت بالـ”الهروب الكبير” في الـ 17 أيار من عام 1987, حيث نجح 6 أسرى فلسطينيين أيضا في الهروب جماعياً من سجن غزة المركزي، ومعظمهم كانوا محكومين بالمؤبد.
هو انتصار جديد يسجل للمقاومة في الوقت الذي تتلقى فيه منظومة العدوان عموما والاحتلال الصهيوني خصوصا, هزائم وصفعات متتالية, فالواقعة لم تكن حدثاً عابراً أو عادياً بل شكلت نقطة فاصلة في تاريخ الحركة الفلسطينية الأسيرة في المعركة التي تخوضها مع سلطات سجون الاحتلال الإسرائيلي، وهي استكمال للانتصارات التي حققتها وتحققها المقاومة وتؤسس لمرحلة جديدة في مسيرة النضال ضد المحتل .
وعلى الرغم من إعادة اعتقال أربعة منهم, إلا أن ما حققه الأسرى الأبطال يبقى إنجازا نوعيا يسجل للمقاومة كما يحمل في طياته العديد من الرسائل المهمة, أبرزها أن المقاومة نهج ثابت ومتجذر ولا يمكن أن يندثر أو يحبس داخل جدران, وهذا النهج سيستمر حتى من داخل زنازين الاعتقال حتى التحرير و النصر, وهو بكل تأكيد فشل كبير للكيان الصهيوني المحتل, لن يستطيع أن يمحوه أو يغطي عليه مهما فعل, والأمور لم تنته هنا, بل ستفتح الباب أمام محاولات أخرى بعد أن انكسرت هيبة المحتل وتحصيناته المزعومة, ومن استطاع أن ينتزع حريته “بملعقة”, قادر على أن ينتزعها مرة أخرى وبأي وسيلة.
