الثورة أون لاين – أحمد حمادة:
تشير التصريحات الصادرة عن الكرملين أمس، وملخصها أن استمرار الوجود الإرهابي في إدلب أمر خطير وغير مقبول، ويؤثر على تقدم الحل السياسي في البلاد، إلى أكثر من معنى ومغزى، ولا سيما أنها تأتي قبيل زيارة رئيس النظام التركي إلى روسيا نهاية الأسبوع الحالي ولقائه مع الرئيس بوتين لبحث الأوضاع في سورية، وفي منطقة خفض التصعيد بإدلب على وجه الخصوص.
المغزى الأول لهذا التصريح هو إرسال رسالة إلى أردوغان مؤداها أن دعمه للتنظيمات الإرهابية بالمال والسلاح والحماية، وفي مقدمتها جبهة النصرة المصنفة على لوائح الإرهاب الدولي، لن يمر بعد اليوم، وأن مناوراته للفصل بين هذا التنظيم وذاك لم تعد صالحة للاستهلاك السياسي، وأن ثمة جديد سيفرض نفسه على الأرض، وستطال مفاعيله الوجود الإرهابي هناك، وعلى أنقرة الاستعداد لذلك وعدم الخداع تحت أي ظرف كان.
أما المعنى الثاني فهو يتعلق بالاحتلال التركي للأراضي السورية في الشمال، والذي يدعم ذاك الإرهاب ويتستر على جرائم تنظيماته المتطرفة، وبمعنى آخر آن أوان إنهاء الوجود العسكري التركي غير الشرعي على الأراضي السورية، وما يؤكد مثل هذه الرؤية تصريحات الرئيس بوتين خلال القمة الأخيرة مع الرئيس الأسد بأن الوجود العسكري الأجنبي يعرقل الحل السياسي، وهو إشارة واضحة للقوات الأميركية والتركية الغازية التي دخلت الأراضي السورية دون طلب رسمي من الحكومة السورية.
معنى آخر لهذا التصريح وهو كشف الغطاء عن إدعاءات أردوغان المكررة حول مكافحته الإرهاب في سورية، وفضح مزاعمه حول مناصرته لحقوق السوريين، وحرصه المزيف على وحدة الأراضي السورية وسيادة الدولة السورية عليها، فمن يدعم تلك التنظيمات الإرهابية لا يحترم السيادة السورية ولا يحرص على وحدة الأراضي السورية وإنما ينتهكها.
من المعاني الأخرى التي أرادت موسكو ترسيخها قبيل لقاء بوتين وأردوغان أنها تريد القول لهذا الأخير إن الترويج لحرص أنقرة على إنجاح مخرجات سوتشي وأستانا، وحرصها بالتالي على الحل السياسي والتعاون مع موسكو لترسيخه، يستدعي محاربة الإرهاب في إدلب والشمال أولاً وليس دعمه، وأما محاولات أردوغان تسويق أمور أخرى مغايرة للحقيقة فليس له مكان على طاولة الحوار، مثل مطالبات النظام التركي بضرورة ما سماه وقف هجمات الجيش السوري على الإرهابيين وكأنه يتحدث عن غزو سوري للأراضي التركية، باختصار شديد الرسالة الأهم هي أن من يريد الحل السياسي وإنجاحه عليه محاربة الإرهاب والقبول بتفكيك تنظيماته وترحيلها عن الأرض السورية وليس العكس تماماً أي دعمها ومدها بكل أسباب القوة والبقاء لنشر إرهابها وفوضاها الهدامة.