الثورة أون لاين- عبير محمد:
خلال فترة الجائحة التي اجتاحت العالم طفت على السطح مصطلحات كالتعليم الذكي والتعليم عن بعد, إضافة إلى الكثير من المنصات التعليمية وبذلك تطورت منهجية وأسلوب التعليم.
فالتعليم ما بعد الكورونا يختلف تماماً عن التعليم التقليدي في كثير من الدول المتقدمة صناعياً ورقمياً على صعيد التكنولوجيا الرقمية مثل الهند وكوريا والدول الأوروبية و الصين .
يمكننا القول أن تلك الدول قد استفادت بطريقة إيجابية جراء اجتياح فيروس كورونا لبلدانهم حيث وظفت تقدمها التكنولوجي والرقمي وجندت كل إمكاناتها لتطوير العلم وتعويض طلاب المدارس سواءالمرحلة الابتدائية، التعليم الاساسي أو الإعدادي أو حتى التعليم العالي وإعطائهم المادة العلمية عن طريق شبكة الانترنت وهي بذلك كرست حقيقة التعليم الذكي وساهمت بطريقة أو بأخرى برفع سوية المناهج التعليمية التي تدرسها لطلابها وأخذت الصورة قيمة مختلفة في ذهن وأعين الطلاب عما كانت عليه سابقا فالتعليم عن بعد تطلب مزيداً من المواد الدراسية المعتمدة بالشكل الكبير على الصور والأفلام والفيديو لمحاكاة المادة العلمية, فحَل الفيلم التعليمي مكان المعلم التقليدي وأصبحت علاقة الطالب بالمحتوى الالكتروني أقوى بالتواجد الجسدي في المدرسة.
الفجوة التعليمية بين الدول الرقمية والدول الفقيرة:
يمكن القول أن جائحة كورونا ساهمت بطريقة أو بأخرى بتوسيع الفجوة الرقمية التعليمية بين الدول الغنية والدول الفقيرة, فالدول التي تعاني ظروف الحروب و أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية أثرت في أسلوب التعليم بشكل سلبي كثيراً وحرم أطفال تلك الدول من تلقي العلوم .
وحسب احصائية جديدة لمنظمة اليونيسكو التي تؤكد حرمان أكثر من مليار ونصف طفل حقه في التعليم الجيد فإذا أخذنا على سبيل المثال أطفال سورية وليبيا واليمن والعراق والريف المصري حرموا من جودة التعليم الحديث مما سيساهم في توسيع الفجوة الرقمية بين دول العالم المتقدمة تكنولوجياً فكثير من أطفال تلك البلدان محرومة من فرصة تلقي التعليم بطرق حديثة وعصرية وهذا سيؤثر بالمستقبل القريب على اختلاف مستوى التفكير والوعي الإنساني فطفل في البلدان الفقيرة لا يمكن له أن يفكر بقضية التغيير المناخي فوق كوكب الأرض ولا يمكن أن يتصور تطور شكل الحياة على سطح القمر بعد مئة عام ولا يمكن له أن يدرك ما معنى الطاقة النظيفة ولا أن يستوعب أهمية الإبداع والابتكار, ولا يمكن للمجتمعات الإنسانية فيما بعد أن تعول على تلك الفئة المحرومة تعليمياً بنهضة المجتمعات, وهنا لا بد أن ننوه إلى أن انتشار فيروس الجهل والتخلف في المجتمعات الأقل حظاً وفقراً سيكون مدمراً إذا لم تتداركه الدول الغنية وخاصة المتطورة تكنولوجياً, فدول كثيرة ستبقى بعيدة أو حتى منفصلة عن مجريات الواقع التي تدور في كوكب الأرض وستعيش شعوب تلك المجتمعات حالة انفصام عن الواقع الحقيقي المعاش في الدول المتطورة رقمياً وستصبح الشعوب الفقيرة فئران تجارب لكل ما تنتجه الدول المتقدمة تكنولوجياً وستصبح مركز تهديد مباشر لأي تطور علمي وإنساني, وهنا يأتي دور الإعلام بفتح قنوات تواصل مع المؤسسات التعليمية لتطوير ودراسة مناهج مدروسة حديثة ومواكبة للدول الغنية, فسورية على سبيل المثال ما زالت تمتلك قدرة رقمية متطورة ويمكن تجنيد تلك القدرة الرقمية لتطوير قدرة المدارس بحيث تعوض الطفل ما حرم منه بسبب انقطاعه عن المدرسة بسبب الجائحة وبالنظر إلى الواقع المعاش فلا يمكننا سوى أن نكون إيجابيين ونتمنى أن تتحول مدارسنا العامة إلى منصات ذكية لتؤهل جيلاً سورياً متسلحاً بالمعرفة والفكر الحديث التي تؤهلهم لبناء الوطن.