انشغل العالم في الأيام الماضية باضطراب العمل في منصات التواصل الاجتماعي .. وما يمكن أن يخفيه ذلك من أزمة حقيقية في أنشط إعلام وتواصل في التاريخ عبر هذه المنصات.
ورغم تزاحم الأخبار والتعليقات حول هذه المسألة وصولاً إلى جلسة استجواب في الكونغرس الأميركي مع المسؤولة السابقة عن فيسبوك “فرانسيس هاوغن” التي سربت معلومات عن واقع العمل داخل منظومة الفيسبوك المذهلة في قدرتها وتأثيرها..
ورغم أني تابعت ما استطعت من جلسة الاستجواب هذه وبقدر ما تسمح به الكهرباء التي تزورنا مرة كل ست ساعات … وأحياناً كثيرة ..لا تكتمل هذه الساعة..!! وبقدر ما يسمح به فهمي للموضوع المسار ..!!وبرأيي أنه موضوع غير واضح حتى اللحظة ..هو على الأقل غير واضح بالنسبة لي..!!.
لكنني سأتناول نقطة واحدة مما أثارته مسؤولة الفيسبوك السابقة..”فرانسيس هاوغن” أو ما أثاره الاستجواب..
تناول الأمر احتمال وقوع المشتركين “وخاصة منهم الأطفال في حالة إدمان للفيسبوك”.. وذكرت المسؤولة السابقة أن منظومة العمل التي كانت تحت إشرافها لا تقيم كبير الاعتبار للمخاطر التي يمكن أن يتضمنها احتمال إدمان الفيسبوك .. في إطار أن الربح المادي هو كل ما يشغل اهتمام إدارة الفيسبوك .. وليس مصلحة الأطفال أو المتابعين والمشاركين في هذا التواصل المذهل في قدرته على الاستحواذ على عقول هذه النسبة من البشر..
اللافت في تقرير وتسريبات السيدة هاوغن هو استخدام مصطلح “إدمان”. ومن ثم مخاطر المواد الإعلامية الاجتماعية والمختلفة التي ينقلها الفيسبوك.
ما أعرفه عن الإدمان .. أنه الاعتياد الذي يدخل في التركيب العضوي للمدمن ..!؟ يعني أنه يتجاوز الاعتياد الشديد كما في التدخين مثلاً.. إلى التحول إلى مطلب عضوي ممرض، ما لم يلب ويحتاج معالجة خاصة للخلاص منه. كما في المخدرات والكحول..
فهل يعني ذلك أن مدمن الفيسبوك الذي جرى الحديث عنه.. هو مريض يحتاج إلى معالجة للخلاص من إدمانه..؟!
هذا عندهم .. وأظن أن هذا الإدمان عندنا أخطر ..عندهم تبدو علاقة الناس بالإعلام الورقي والمسرح والسينما والكتاب أفضل منها عندنا وبما لا يقاس.. بل نحن هنا كباراً وصغاراً .. شيباً وشباباً .. وأطفالاً من مختلف الأعمار متروكون فريسة بكامل معنى الكلمة للفيسبوك وغيره من برامج التواصل الاجتماعي..
لاحظ هنا التراجع الكبير في وضع الإعلام الورقي والكتاب والمسرح والسينما وحتى المسلسلات والبرامج التلفزيونية .. مما تركنا بالأصل .. جاهزين لإدمان كل ما يمكن أن ينسينا حالنا..
الفيسبوك وغيره من أفراد ومنتجات العائلة العنكبوتية لديها الفرصة لاجتياحنا وإدمانا.. ولا من يتذكر أو يدافع عنا..
معاً على الطريق- أسعد عبود