الثورة أون لاين _ فؤاد مسعد:
انتصار الإرادة في حرب العزة والكرامة، حرب تشرين التحريرية غيّر وجه التاريخ المعاصر في المنطقة، وأعاد كتابته من جديد محطماً إلى غير رجعة.. خرافة أسطورية الجيش الصهيوني الذي لا يقهر، فكان أن سطر الجيش العربي السوري بعزيمته وقوته وعقيدته أروع ملاحم البطولة والمجد والإباء والتضحية، قالباً الموازين ومعيداً الروح لكل عربي بعد الهزيمة والنكسة معززاً ثقة الإنسان العربي بنفسه وبمقدرته، إنها الحرب التي شكلت انتصاراً للإرادة وللعقل، وكانت الحافز للكثير من المبدعين لينهلوا منها ويقوموا بعملية توثيق سمعي بصري لها، وإبراز مفاصلها عبر أفلام تبقى شاهداً هاماً للأجيال وللزمن، وقد لاقت انتصارات تشرين صداها الفوري في الأفلام الوثائقية والتسجيلية.
أنتجت المؤسسة العامة للسينما العديد من الأفلام الهامة، فقد أنجز المخرج الراحل وديع يوسف عام 1973 ثلاثة أفلام ضمن هذا الإطار، هي فيلم (وجاء تشرين) الذي رصد العمليات العسكرية في حرب تشرين التحريرية، والتضحيات التي بذلها جنود الجيش العربي السوري لاسترجاع المرصد، وتحريره، ورفع العلم السوري عالياً عليه، أما فيلم (الصمود) فأبرز حالة الصمود العالية في الشارع السوري، وكيف كان الناس ينتظرون ما تبثه إذاعة دمشق لسماع أخبار بطولات الجيش السوري، كما ألقى الفيلم الضوء على الحياة في تلك الفترة، وكيف كانت تسير بشكل طبيعي، ويمارس الجميع أعمالهم اليومية بروح معنوية عالية.. بينما المعارك التي يخوضها الجيش لم تتوقف. والفيلم الثالث (القتلة) يفضح دموية الصهاينة وحقدهم وكيف كانوا يتقصدون تدمير الأماكن الآمنة وقتل الناس بشكل عشوائي حيث تم عرض لقاء مع الطيار الإسرائيلي يبلغ من العمر اثنين وعشرين عاماً، قام الجيش السوري بأسره بعد إسقاط طائرته، وتحدث خلال المقابلة عن قصفه لأهداف مدنية في دمشق، وتم إجراء مقارنة بين رغبته في عيش أطفاله بشكل جيد، وبين قتله للأطفال والمدنيين. ومن الأفلام التي أنتجتها المؤسسة العامة للسينما أيضاً فيلم (حصاد تشرين) إخراج منير جباوي الذي رصد وحشية الغارات الإسرائيلية على الأراضي الزراعية.. حيث تم إجراء مقابلات مع الفلاحين الذين أكدوا تمسكهم بأرضهم مهما كانت قسوة العدو الصهيوني الذي لم يفرق بين الأهداف العسكرية والمدنية. وضمن هذا الإطار قدم المخرج فيصل الياسري فيلمي..ن الأول بعنوان (لعب أطفالنا الجديدة) ورصد عبره فرحة الأطفال ببطولات الجيش العربي السوري من خلال متابعتهم المعارك الجوية، وتساقط الطائرات الاسرائيلية، ويظهر كيف تحوّل حطام الطائرات الصهيونية إلى مجرد أداة لعب ولهو بيد الأطفال، أما الفيلم الثاني فجاء بعنوان (أهداف استراتيجية) وفيه يكشف من خلال الصورة حقيقة الأهداف الاستراتيجية التي تقصّد العدو الإسرائيلي استهدافها عبر طيرانه الحربي والتي كانت منازل لعامة الناس وسط الأحياء السكنية، ومن الأفلام الأخرى نذكر (الدرع الحصين) للمخرج بشير صافية وفيلم (العودة) إخراج مروان حداد.
وضمن الإطار نفسه قدم قسم السينما في الجيش العربي السوري عدداً من الأفلام التسجيلية والوثائقية الهامة، كان أولها فيلم (حول معارك تشرين) ونذكر منها فيلم (التحرير) الذي رصد مجريات حرب تشرين ومعارك الاستنزاف، في حين أن فيلم (النازية الجديدة) قد أجرى مقارنة بين ما قامت به الصهيونية وما فعله النازيون في الحرب العالمية الثانية، أما فيلم (تل الفرس) إخراج لطفي لطفي فتناول قصة واقعية لبطولات طاقم دبابة سورية في القتال حتى اللحظة الأخيرة في حرب تشرين عند مدخل تل الفرس مظهراً صمود واستبسال وتضحية الجندي السوري. ويضاف إلى ذلك كله ما قدمته دائرة الإنتاج السينمائي في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون