الثورة أون لاين – ترجمة غادة سلامة:
من الواضح أن الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والصين ليست مرغوبة، كما أنها ليست حتمية بالضرورة، لكن من الصعب للغاية رؤية كيف ستتخذ بكين وواشنطن بشكل فردي أو مشترك، الخطوات اللازمة لتفادي هذه الحرب.
لقد أعلن العديد من العلماء والمعلقين أن الولايات المتحدة والصين تتجهان نحو حرب باردة جديدة – أو تشاركان فيها بالفعل، في تحليلهم، ينطبق المصطلح على المنافسة الاستراتيجية ثنائية القطب بين القوتين النوويتين العظميين وأيديولوجياتهما، لكن الحرب ستبقى “باردة” لأن أياً من الطرفين لا يسعى إلى مواجهة عسكرية مباشرة، في الواقع ستندلع الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والصين بشكل أساسي في المجالات الاقتصادية والتكنولوجية والسياسية.
ومع ذلك، هناك مراقبون آخرون أعلنوا بثقة كبيرة أنه لن تكون هناك حرب باردة بين الولايات المتحدة والصين، لأن واشنطن وبكين ليستا في الواقع منخرطتين في صراع أيديولوجي من أجل التفوق العالمي، فالصين لا تسعى للهيمنة على العالم، ولذلك لن ينقسم بقية العالم إلى معسكرات أمريكية وصينية.
سفير الولايات المتحدة السابق لدى روسيا مايكل ماكفول يقول إن مقارنة المنافسة بين الولايات المتحدة والصين بالحرب الباردة كالتي كانت بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي ينطوي على”سوء فهم طبيعة المنافسة”، أما المؤرخ ملفين ليفلر فيقول: حدثت الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي بسبب الظروف الخاصة التي فرضتها الولايات المتحدة بعد عام 1945.
ما يُظهره هذا الانقسام في الرأي لسوء الحظ، هو أن الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي هي السابقة والنموذج التاريخي الوحيد المتاح، فالكاتب جورج أورويل، الذي صاغ مصطلح “الحرب الباردة” في أكتوبر تشرين أول عام 1945، أشار إليها ببساطة على أنها “سلام لا سلام” – حالة عداء أقل من المواجهة العسكرية.
حيث تتشكل المنافسة بين الولايات المتحدة والصين لتلائم هذا الوصف الأساسي، على الرغم من أن بكين لا تسعى إلى الهيمنة العالمية، تسعى الصين أيضًا إلى تعظيم ثروتها وقوتها ونفوذها، خاصة بالنسبة إلى الولايات المتحدة ولكن بالطرق السلمية- لأن الولايات المتحدة كانت منذ فترة طويلة المعيار العالمي للثروة والسلطة والنفوذ، وترى بكين أن واشنطن تبنت سياسة احتواء فعلية للتقدم الصيني الهائل في كافة المجالات، مما يمنح القادة الصينيين رؤية تآكل قدرة الولايات المتحدة وفشلها في عدة مجالات.
وأكدت واشنطن أنها ستتعامل مع الصين من “موقع قوة”، بينما رفض القادة الصينيون هذه الفرضية صراحة، علاوة على ذلك يبدو أن بكين تحسب أن صعودها وانحدار الولايات المتحدة وصلا إلى نقطة انعطاف، حيث أصبحت بكين الآن في وضع يسمح لها بمقاومة الضغط الأمريكي والبدء في إملاء شروطها الخاصة على الولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي فإن الولايات المتحدة تبالغ في تقدير قوتها.
بقلم: بول هير