الثورة أون لاين – دينا الحمد:
حركة عدم الانحياز هي تجمع دولي يضم 120 عضواً من الدول النامية حالياً، وظهرت إبان ما كان يسمى بالحرب الباردة، وقامت فكرتها على أساس عدم الانحياز لأي من المعسكرين الغربي بزعامة الولايات المتحدة والشرقي بزعامة الاتحاد السوفييتي، وتعود فكرة إنشائها إلى مؤتمر باندونغ الذي انعقد في إندونيسيا في نيسان 1955 ليتم الاتفاق على تأسيسها عام 1961 في عاصمة يوغسلافيا السابقة بلغراد بمشاركة 29 دولة.
ولعبت الحركة منذ تأسيسها دوراً مهماً في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين، وابتعدت عن السياسات التي نتجت عن صراع المعسكرين المذكورين، وساهمت بشكل فاعل بالقضاء على الاستعمار، ودعمت حركات التحرر والمقاومة في مختلف البلدان، وواجهت الكثير من العقوبات الغربية أحادية الجانب التي مارستها واشنطن وأدواتها ضد الشعوب، وكان لها دور إيجابي بترسيخ حقوق الإنسان وحمايتها.
اليوم وبعد ستة عقود على تأسيسها فإن الحركة تثبت أنها باقية، ولا يمكن لها أن تموت مهما حاولت الولايات المتحدة أن تقصيها أو تلغيها كي تبقى متسيدة على هذا العالم ومؤسساته الدولية، ومن هذه الرؤية فإن العديد من مؤسسيها وأعضائها، وفي مقدمتهم سورية، كانوا السباقين إلى العودة إلى إحياء دورها بقوة، من أجل ترسيخ حياديتها التي تعني في نهاية المطاف الانحياز لحقوق الشعوب وسيادة الدول.
ومثل هذا الطرح بعودة دور الحركة وفاعليتها بات اليوم ضرورة ملحة في ظل السيطرة الأميركية على المؤسسات الدولية وتفردها بالقرار وممارستها للإرهاب وسياسات الحصار الجائر على الدول التي لا تمضي بركبها، وفي ظل هذه القطبية الأحادية التي فرضتها ظروف انهيار الاتحاد السوفييتي.
أيضاً فإن أمام الاجتماع الحالي لدول حركة عدم الانحياز في بلغراد مهمة كبيرة ورسالة واضحة إلى معظم دول العالم حول عدم وجود بدائل لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ المساواة في إقامة العلاقات بين الدول، وحول ضرورة تكاتف الجميع لمحاربة كل أشكال الاحتلال والعدوان والإرهاب الذي تمارسه واشنطن وحلفاؤها على امتداد القارات، ولاسيما إذا أدركنا حجم الكتلة الكبيرة التي تمثلها الحركة حالياً وقوامها 120 دولة من الدول الأعضاء بينها سورية إلى جانب ممثلي المنظمات الدولية والإقليمية المعنية.
كما أن هناك فرصة كبيرة أمام هذه الكتلة الدولية الكبيرة التي تمثل ثلثي العالم تقريباً لتكريس مبدأ تسوية النزاعات الدولية بالطرق السلمية وفرض احترام سيادة الدول والامتناع عن الاعتداء على سلامتها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية والانسجام مع أحكام ميثاق الأمم المتحدة.
ومثلما رسخت الحركة على مدى عقود أهدافها التي ركزت على حق تقرير المصير للدول والشعوب والتخلص من القواعد العسكرية الأجنبية ودعم حركات التحرر الوطني والتعاون الاقتصادي بين دولها والتشديد على السلم العالمي وتسريع التنمية الاقتصادية في دول العالم الثالث، إضافة إلى تحقيق الاستقلال الوطني والسيادة ووحدة الأراضي وأمن الدول غير المنحازة في كفاحها ضد الاستعمار والفصل والتمييز العنصري، وكل أشكال التدخل الأجنبي والسيطرة والهيمنة من جانب القوى الكبرى، فإن أمامها اليوم مهمة تحقيق الأهداف ذاتها فضلاً عن محاربة التطرف والإرهاب والوقوف صفاً واحداً في مواجهة الهيمنة الغربية والأميركية على العالم.
