الثورة-منهل إبراهيم:
في لحظة سياسية فارقة من عمر المرحلة الانتقالية في سوريا الجديدة، يبرز اتفاق العاشر من آذار، الموقّع بين السيد الرئيس أحمد الشرع والجنرال مظلوم عبدي، كمرتكز لحل ملفات شائكة تتعلق بمستقبل سوريا.
وقد جرى التأكيد على الالتزام بالحوار البنّاء والتعاون المستمر، بما يصبّ في خدمة وحدة سوريا وسيادتها، وتحقيق تطلعات الشعب السوري في الأمن والاستقرار.
وهذا ما أكد عليه عضو اللجنة المختصة بإتمام اتفاق آذار مع “قسد” العميد زياد العايش في اجتماع رسمي مؤخرا بين اللجنة ووفد “قسد” في أجواء إيجابية اتسمت بروح المسؤولية والحرص المتبادل على المصلحة الوطنية.
وعلى أرضية جغرافية معقدة في تركيبتها، وفي ظل توازنات إقليمية ودولية شديدة الحساسية، نقلت رويترز عن مراقبين أن الاتفاق شكل فرصة حاسمة أمام الحكومة السورية لتجاوز إرث النظام المخلوع، واعترافه المتأخر بالقضية الكردية، لكن تأخر تنفيذ الاتفاق والكلام حول الفيدرالية واللامركزية أدى إلى إرباك في المشهد السياسي وفتح الباب أمام التساؤلات.
في المقابل، حملت تصريحات المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس باراك إشارات لافتة، إذ قال إن “الفدرالية لا تصلح في سوريا”، ناصحا “قسد” بأن “الطريق الوحيد أمامها هو دمشق”، وجاء حديث باراك بعد لقائه الرئيس الشرع والجنرال مظلوم عبدي الأسبوع الماضي، مشيرا إلى بطء “قسد” في الانخراط الفعلي ضمن الحكومة السورية الجديدة.
وتؤكد مصادر مقربة من الإدارة الأميركية أن واشنطن بدأت تبدي تململا من المواقف المتصلبة لقسد، حيث يشير مراقبون إلى أنه “رغم عمق العلاقة بين قسد وواشنطن، بدأت مؤشرات التباعد بالظهور، وستتضح ملامح الموقف الأميركي النهائي خلال الأشهر القادمة”.
ويرى مركز الفرات للدراسات الإستراتيجية، أن واشنطن تسعى إلى إعادة ضبط العلاقة بين “قسد” والحكومة السورية من خلال “تنفيذ بنود اتفاق آذار، وتوسيع نطاقه ليشمل ملفات أوسع، من بينها تطبيع سوريا مع بعض الدول العربية، كما أن الاتفاق سيكون له انعكاسات على ملفات إقليمية مثل النفوذ الإيراني وملفات عالقة أخرى بانتظار الحلحلة.
ويلفت المركز إلى أن “قسد” لم تثبت نفسها كنموذج حكم ناجح رغم الدعم الكبير الذي حصلت عليه، ولم تنه تهديد تنظيم داعش بشكل نهائي، كما أنها تعاني من رفض إقليمي كبير”، معتبرا أن “الحكومة السورية الجديدة تتمتع بشرعية إقليمية متنامية، وقد تفضل واشنطن التعامل معها مباشرة إذا لم تبد قسد مرونة كافية”.
وترى العديد من مراكز الدراسات أن آفاق العلاقة بين “قسد” والحكومة السورية ستبقى مرهونة بتطورات الداخل والخارج، وأن اتفاق 10 من آذار لم يعد مجرد وثيقة سياسية، بل تحول إلى اختبار لقدرة الأطراف السورية على إنتاج تسويات وطنية مستقلة، بعيدا عن إملاءات الخارج.