الثورة – حسين صقر:
لكون غالبية الأسر السورية اليوم لديها صعوبات بتأمين متطلبات المعيشة، وبات هناك فجوة كبيرة بين تلك المتطلبات والمواد الاستهلاكية والدخل، أصبحت الحاجة ملحة للبحث عما يكفي الأسرة ذاتياً ويغنيها عن بعض ما يجب شراؤه من المتاجر.
ولهذا فإن الزراعات المنزلية هي الحل، وذلك على الأسطح والبلكونات، وفي المساحات الصغيرة التي يمكن استخدامها وتتوافر فيها الشروط الخاصة بالزراعة كالتربة والمياه وغير ذلك.
صحيفة الثورة التقت بعض الفعاليات التي أكدت أهمية الزراعة المنزلية، وقالت ربة المنزل نغم محمود: فضلاً عن إضفائها جواً من السكينة والهدوء وتوفير جو هادئ يدفع على الاسترخاء والراحة، تحقق المساحات الخضراء المزروعة في المنزل اكتفاءً ذاتياً من متطلبات المنزل اليومية، وتوفرعلى الإنسان ما أمكن في ظل الظروف المعيشية الصعبة.
التوازن بين الدخل والاستهلاك
من جهته قال الموظف هشام دبيات: بات من الضروري البحث عن طريقة لتحقيق التوازن بين دخلنا كأفراد، وما يتم إنفاقه، حيث من الواضح وجود هوة كبيرة ببن هذا وذاك، وبالتالي من الضروري السعي لتحقيق ما أمكن من الاكتفاء الذاتي، والتوازن بين الوارد والصادر، لأن هناك فرقاً يعادل ربما عشرة أضعاف بين ذلك الدخل، ومعدل الاستهلاك.
وأكد المدرس عز الدين مكي أن الجميع يعلم صعوبة الظروف التي مرت بها البلاد لنحو 14 سنة، والحكومة اليوم تحاول جسر الفجوة عما حصل، مع الملاحظة بأن الظروف المادية الصعبة لا تزال مستمرة بشكل واضح، ولهذا لا بد من العمل على بعض الأمور لتحقيق بعض الاكتفاء الذاتي لبعض حاجاتنا اليومية من الخضروات والحشائش التي نحن بحاجة لها بشكل يومي، وذلك من خلال استثمار أي مساحة من الأرض مهما كانت صغيرة.
استخدام أي مساحة
“الثورة” تواصلت أيضاً مع المرشد الزراعي والمختص بالمحميات السيد معن زيدان، والذي تحدث عن تجربته بزراعة المساحات الصغيرة، بالإضافة لإشرافه على عدد كبير من البيوت البلاستيكية والمساحات الحرة، وذلك بهدف تحسين الإنتاج ومتابعة الشتول الزراعية على اختلاف أنواعها.
وفي هذا أكد زيدان أن هذه المساحات سواء كانت مزروعة بالنباتات المثمرة أو الزهور والورود الجميلة، فقد أصبحت تستهوي الكثير من العائلات في الآونة الأخيرة بسبب تزايد الخوف والقلق من استخدام المواد الكيميائية الضارة في زراعة المواد الغذائية المباعة في الأسواق، ولتحقيق نوع من الاكتفاء الذاتي، حيث بدأ هؤلاء التوجه للزراعة المنزلية لضمان جودة ونقاء الغذاء، ولملء وقت الفراغ ولاسيما ممن أضحوا في سن التقاعد.
وقال: إنه باختلاف حجم المنزل والمساحة المحيطة به يمكن لصاحبه اختيار الزراعة المناسبة وحسب توافر المياه وطبيعة التربة، مضيفاً إنه يمكننا زراعة البطاطا إذا لم تتوافر المساحة المناسبة، مثلاً بالبرميل شرط وجود أشعة الشمس، حيث ينتج البرميل الواحد حوالي ثلاثين كيلو كل مرحلة، كما يمكن زراعة الحشائش كالبقدونس و السلق والنعناع والفليفلة والبندورة، أيضاً حسب المساحة.
موضحاً أن الشروط المطلوبة لنجاح تلك الزراعة هي الخبرة بالعمل و المتابعة، والتأسيس الصحيح قبل البدء مثل تعقيم التربة ووضع السماد العضوي والأسمدة المركبة، وتقديم الرعاية في موعدها كرش المبيدات الحشرية والسقاية والتعشيب وغيرها.
وقال زيدان: على من يعمل بالزراعة يجب أن يحبها، وهناك فرق بين حب العمل الزراعي من القلب، وعشق هذا العمل، موضحاً أن الزراعة المنزلية تتطلب اختيار المكان المشمس، والتربة الخصبة، ومن لم تتوافر لديه يمكنه الزراعة في عبوات كبيرة أو صغيرة من البلاستيك أو الفلين حسب المتوافر، بعد أن تملأ بالتراب، كما يمكن استغلال الأسطح والبلكونات لهذه الغاية، المهم توافر العناصر الأساسية الشمس والماء والتراب.
وعن تجربته أضاف المرشد الزراعي، لقد نجحت أيضاً بهذا العمل نتيجة الفضول وحب المعرفة عما يخص أي نوع من الزراعات سواء كان الخضراوات أم الأشجار، وهذا بالطبع لن يحصل بين ليلة وضحاها، لأن موضوع الزراعة يتطلب المعلومة الصحيحة، حتى ننطلق لفهم هذا العالم الذي يعد واسعاً أسوة بباقي العلوم، ونوه بأنه بدأ أول خطوة بالحصول على الكتب العلمية الزراعية.
الكتب ليست كافية
ونوه زيدان بأن قراءة الكتب لهذا العمل ليست كافية إذا لم نطبق محتواها على أرض الواقع، ومعرفة المعلومة أمراً سهلاً، بينما تكمن الصعوبة في تجسيدها، ومن خلال متابعتي للحقول في الداخل السوري، والاستشارات خارج القطر لمدة أكثر من خمسة وعشرين عاماً استطعت تقديم الإرشادات للمزارعين ومتابعتهم في الآونة الأخيرة عبر شبكات التواصل، وتحسين الإنتاج حوالي ثلاثة أضعاف، فضلاً عن حل جميع المشكلات التي تواجههم.
وأضاف أول تجربة كانت لي مع زراعة الموز في حديقة أو جنينة المنزل، ثم انتقلت إلى عالم الزراعة المحمية والهدف المردود المادي، بعدها انتقلت إلى المعرفة و كل ما يخص موضوع الزراعة.
فوائدها الصحية
وعن فوائد الزراعة في المنزل قال زيدان: أول هدف يمكن تحقيقه الحرص على محصول صحي، كما أن الزراعة البيتية تضيف بهجة وروحاً على منزلك، فوجود الزراعة المنزلية والاهتمام بها والتفاعل معها يحسن الحالة المزاجية وصحة العقل لديك، ولا يقتصر على ذلك فقط، بل يساهم ذلك بإضفاء لمسة جمالية على المنزل سواء كانت المزروعات داخله أو خارجه، وتساعدنا على القيام بنشاط جسدي مفيد والتخفيف من التوتر والطاقة السلبية حيث تساهم التربة بتفريغ كل الشحنات السالبة في الجسم.
وختم زيدان: من ليس لديه أي مساحة يمكن الاعتماد على أي إصيص صغيراً كان أو كبيراً لزراعة بعض أهم الخضراوات كالجرجير والبصل الأخضر والبندورة والفليفلة، وهي عملية سهلة لا تحتاج إلى المزيد من الجهد، بل على العكس أجمل متعة هي التعامل مع النباتات.