مراكزٌ وملتقيات ثقافية.. تبني جسور عبور نحو وعيٍ أكثر رسوخاً 

الثورة – همسة زغيب: 

تعزز المراكز الثقافية نشر الثقافة والفنون، كونها ملتقى للفكر والفن والتعلم لا مؤسسة روتينية، وتقدم فعاليات وأنشطة متنوعة تساهم في التنمية الثقافية للمجتمع في مجالات عدة.. ومن هنا كان لا بد لنا أن نواكب نشاطاتها أمام نشاط الملتقيات الفكرية، التي تستقطب المتابعين للشأن الثقافي أكثر من المراكز، وفقاً لما رأيناه خلال متابعتنا الحثيثة للمراكز والملتقيات في آنٍ معاً، فكان لـ”الثورة” لقاء مع أحد المراكز الثقافية والملتقيات.

 تأهيل البنى وثقافة جديدة

رئيس المركز الثقافي في جرمانا رمزا خيو تحدثت عن أهمية إعادة تأهيل المراكز الثقافية، باعتبارها تحتل دوراً حيوياً في تنمية المجتمع وتعزيز الوعي الثقافي والفني ولابدَّ من إعادة تأهيلها من جوانب متعددة، وتطوير وتوسيع نطاق الأنشطة والفعاليات الثقافية المختلفة والبرامج المقدمة، إضافة إلى تعزيز التعاون مع مختلف المؤسسات والجمعيات الثقافية والمجتمعية، وإعادة توضيح دورها من مجرد قاعة محاضرات إلى منصة تفاعلية مجتمعية بما يشمل تقديم مجموعة متنوعة من الأنشطة والبرامج لتلبية احتياجات مختلف فئات المجتمع، كالندوات، ورش العمل، المعارض الفنية، العروض المسرحية، الحفلات الموسيقية، مؤكدة على ضرورة تدريب وتأهيل العاملين فيها، لرفع كفاءتهم وتطوير مهاراتهم في مجال إدارة وتنفيذ الأنشطة الثقافية.

وأوضحت خيو أنّ إعادة الألق للمراكز الثقافية ليست مهمة سهلة، لكنَّها ممكنة ومُلهمة ويتطلب الأمر رؤية شجاعة، كفاءات شغوفة، وشراكة مع الناس، والهدف الأساسي إعادة بناء الثقافة من جديد فمجتمعنا بحاجة إلى الرجوع لثقافاته، لذا لا يقوم أي مجتمع حضاري إلا على الثقافة، والمركز الثقافي الناجح لا يُقاس بعدد المحاضرات المنظمة، بل بمقدار أثر يتركه في وعي الناس وسلوكهم وانتمائهم إلى ثقافتهم المحلية والوطنية، وإذا أردنا حقاً بناء مجتمع جديد معاً، فلا بدَّ من إعادة إحياء المراكز الثقافية، وتوظيفها بطرق مبتكرة، والتركيز على جعلها أماكن جاذبة ومشاركة للجميع، من خلال فعاليات متنوعة ومبتكرة، واستغلال التكنولوجيا لخدمة الأهداف الثقافية، وتفعيل دورها من أجل المجتمع المحلي نظراً لدورها في نشر الوعي الثقافي والفني، وتعزيز الهوية الوطنية والتمسك الاجتماعي، وتشجيع الإبداع والابتكار، وتنمية المهارات الحياتية من خلال توفير بيئة إيجابية، وداعمة للإبداع والترفيه، وتحسين جودة الحياة للمجتمع.

 ومضات.. أنموذجاً

بدوره رئيس مجلس إدارة جمعية ومضات للتوعية الصحفي وديع الشماس بيَّن دور الجمعيات في خضم التحديات الاجتماعية والاقتصادية العاصفة بالمجتمع السوري وأهمية مبادرات المجتمع المدني كجسور عبور نحو وعيٍ أكثر رسوخاً، وإنسانٍ أكثر تمكيناً، ومن بين المبادرات، تبرز جمعية ومضات للتوعية، كونها أخذت على عاتقها مهمة نشر الوعي بمختلف جوانبه، وتقديم الدعم للفئات الأكثر هشاشة، بأساليب حديثة وتفاعلية.

تطرق الشماس للحديث عن مسيرة”ومضات” بأنَّها جمعية تأسست عام ٢٠٢٠ للتوعية ليست مجرد جمعية، بل فكرة تتّقد في قلوبنا وومضة وعي، وأمل، وتغيير، انطلقت برؤية واضحة مفادها أنَّ الوعي مفتاح التغيير الحقيقي، كما أُعيد ترخيص الجمعية لتوسّع نشاطها ليشمل كامل أراضي الجمهورية العربية السورية في شباط من عام 2025، موضحاً أنَّ عملها لا يقتصر على نوع واحد من التوعية، بل تنتهج منهجاً شاملاً يغطي التوعية الثقافية، القانونية، الصحية، الاجتماعية، وحتى النفسية مشيراً إلى أولويات العمل لديها تركز على مكافحة تعاطي المخدرات، الإدمان، التسرب المدرسي، وذلك من خلال ورشات عمل تفاعلية بعيدة عن النمط التقليدي القائم على التلقين.

وأضاف: المشاركة الفعلية تترك أثراً أعمق في النفس والعقل، وتعتمد على ورش تفاعلية تعزز النقاش، وتدعم التفكير النقدي، وتبني السلوك الإيجابي، لأنَّ بناء المجتمعات يبدأ من تمكين أفرادها، وتضع تمكين النساء والشباب على رأس أولوياتها، وتقدم ورش تدريب مهني تشمل: إعادة التدوير، الرسم، الكروشيه، التغذية الصحية، إضافة إلى التوعية بصحة المرأة الجسدية والنفسية، كما تُخصص الجمعية مساحة واسعة للأطفال، من خلال برامج ترفيهية وتعليمية تشمل دورات في الرسم، الموسيقا، الغناء الجماعي “كورال”، وتعليم العزف على الآلات الموسيقية.

إضافة إلى دورات مبسطة في اللغات الأجنبية، تهدف لتعزيز قدراتهم وإطلاق طاقاتهم الكامنة، منوهاً إلى أنَّ جمعية ومضات للتوعية تسعى إلى ترسيخ مفهوم المجتمع الواعي المتكافل، لأنَّ العمل الأهلي لا يزدهر إلا بشراكات فاعلة مع المجتمع المحلي، والدعم المستمر من الأفراد والمؤسسات الرسمية على حدّ سواء نظراً لدورها الهام في النهوض بالحياة الثقافية على المستوى المحلي، من خلال التعاون والتكامل مع المراكز الثقافية الرسمية فالتكامل لا يقتصر على تبادل الأنشطة، بل يشمل بناء

شراكات مستدامة تثمر عن حراك ثقافي حي ّ، قادر على الوصول إلى مختلف فئات المجتمع. فضاء حيّ يجمعنا وتابع الشماس حديثه حول إمكانية مساهمة الجمعيات الأهلية وملتقياتها في تعزيز الثقافة عبر تنظيم فعاليات مشتركة مع المراكز الثقافية، مثل الندوات الأدبية، المعارض الفنية، ورش العمل، عروض مسرحيّة وموسيقيّة.

كما يمكن أن تقدم خبراتها في استقطاب الجمهور، والترويج الإعلامي، وتحديد أولويات ثقافيّة تهم الناس فعلاً، من واقع قربها من نبض المجتمع ودور تمارسه الجمعيات لجعل المراكز الثقافية منابر مشعّة، كونه يبدأ بإعادة ربطها بمجتمعها، وفتح أبوابها أمام جميع الفئات، خصوصاً الشباب، لتكون منصّات لاستهلاك الثقافة وإنتاجها في آنٍ معاً، بينما تستطيع الجمعيات أن ترفد المراكز بالكفاءات والمتطوعين، وتقدم محتوى متنوعاّ يتجاوز الطابع الرسمي التقليدي، ليكون أكثر حيوية وانفتاحاً.

وأكد أنَّه ليس المطلوب من الجمعيات أن تحلّ مكان المؤسسات الثقافية، بل أن تعمل كجسر بينها وبين الجمهور، وكشريك داعم، يملك المرونة والقدرة على الحركة، وعندما تُبنى علاقة من الثقة والتخطيط المشترك بين الجمعيات والمراكز، فالنتيجة تكون بلا شك مركزاً ثقافياً نابضاً، لا يكتفي أن يكون بناء، بل يتحول إلى فضاء حيّ، تتجدد فيه الثقافة، وتُصان فيه الهوية، وتُكتشف فيه المواهب، وإنّ إعادة تألقها الآن، في ظل تحديات كبرى تواجه المجتمع، ليست رفاهية، بل ضرورة..

والجمعيّات الأهلية قادرة، عبر الشراكة والتكامل، على أن تكون رافعة حقيقية للدور عينه، إذا ما أُتيحت لها المساحة والدعم، وتمَّ الاعتراف بها كجزء أصيل من المنظومة الثقافية الوطنية.

آخر الأخبار
دارسة هندسية لترميم وتأهيل المواقع الأثرية يحمص الاقتصاد الإسلامي المعاصر في ندوة بدرعا سوريا توقّع اتفاقية استراتيجية مع "موانئ دبي العالمية" لتطوير ميناء طرطوس "صندوق الخدمة".. مبادرة محلية تعيد الحياة إلى المدن المتضررة شمال سوريا معرض الصناعات التجميلية.. إقبال وتسويق مباشر للمنتج السوري تحسين الواقع البيئي في جرمانا لكل طالب حقه الكامل.. التربية تناقش مع موجهيها آلية تصحيح الثانوية تعزيز الإصلاحات المالية.. خطوة نحو مواجهة أزمة السيولة تحديات تواجه انطلاقة التجارة الإلكترونية في سوريا تعزيز الشراكة التربوية مع بعثة الاتحاد الأوروبي لتطوير التعليم حرائق اللاذقية تلتهم عشرات آلاف الدونمات.. و"SAMS" تطلق استجابة طارئة بالتعاون مع شركائها تصحيح المسار خطوة البداية.. ذوو الإعاقة تحت مجهر سوق العمل الخاص "برداً وسلاماً".. من حمص لدعم الدفاع المدني والمتضررين من الحرائق تأهيل بئرين لمياه الشرب في المتاعية وإزالة 13 تعدياً باليادودة "سكر مسكنة".. بين أنقاض الحرب وشبهات الاستثمار "أهل الخير".. تنير شوارع خان أرنبة في القنيطرة  "امتحانات اللاذقية" تنهي تنتيج أولى المواد الامتحانية للتعليم الأساسي أكرم الأحمد: المغتربون ثروة سوريا المهاجر ومفتاح نهضتها جيل التكنولوجيا.. من يربّي أبناءنا اليوم؟ تحديات تواجه انطلاقة التجارة الإلكترونية في سوريا