الثورة أون لاين- ناصر منذر:
العجز والإفلاس السياسي والأخلاقي لحكومات الدول الأوروبية، هو فقط ما يدفعها لتمديد عقوباتها الجائرة، وتسعير إرهابها الاقتصادي، فتلك الدول نفذت حتى الآن كل المهام الموكلة إليها أميركياً في سياق الحرب الإرهابية على سورية، واستخدمت كل أنواع الضغط العسكري والسياسي والاقتصادي، ولكنها لم تحقق أياً من أجنداتها السياسية، والوقائع التي تفرزها الإنجازات السورية (ميدانيا وسياسياً) تثبت استحالة أن تحقق أوهامها، فلماذا إذاً هذا الإصرار على مواصلة نهجها العدائي ضد السوريين؟.
العداء الأوروبي المستحكم تجاه الشعب السوري، قد يكون دافعه أن السوريين هم من عروا نفاق وأكاذيب المسؤولين الأوروبيين وحكوماتهم المتعاقبة، وكشفوا زيف ادعاءاتها الإنسانية، وانخراط تلك الحكومات بالحرب الإرهابية يؤكد حقيقة أخرى بأن بعض الدول الأوروبية، وخاصة فرنسا وبريطانيا تحن إلى ماضيها الاستعماري، وباعتقادها أن السير خلف السياسة الأميركية قد يحقق مبتغاها بإعادة فرض نفوذها على دول المنطقة عبر البوابة السورية، من دون أن تعي تلك الدول حقيقة أن سياساتها الداعمة للإرهاب لم تجلب لها سوى المشكلات والاضطرابات الأمنية – حيث لم تسلم من ارتدادات دعمها للتنظيمات الإرهابية- وجعلها عرضة للابتزاز السياسي من قبل شركائها في الحرب الإرهابية على سورية، وإشهار نظام أردوغان ورقة اللاجئين في وجهها، مثال على ذلك.
استنساخ العقوبات الأوروبية، وحتى الأميركية، واضح أنها تزداد طرداً مع شدة الإفلاس السياسي الذي يلازم منظومة العدوان الغربي، وأيضاً يرتفع منسوبها كلما تقهقر الإرهابيون في الميدان، وواضح أيضاً أن الفشل الأوروبي لم يمنح دول الاتحاد أي أوراق تفاوضية تؤهلها لحجز أي مقعد على طاولات الحل السياسي بما يخدم مصالحها في المنطقة، فلجأت للنفخ مجدداً في سياسة العقوبات وإعادة تمديدها على أمل تحصيل مكاسب سياسية عجزت عن تحقيقها عبر الإرهاب والعدوان، رغم أن سلاح العقوبات القذر أثبت فشله في ثني السوريين عن التمسك بمبادئهم وثوابتهم الوطنية، صحيح أنه ألحق الأذى الكبير بالشعب السوري، لكنه عجز عن إخضاع قرار الدولة السورية للمشيئة الأميركية والأوروبية.
سورية، إلى جانب دول كثيرة، لم يزدها الحصار الجائر والعقوبات الظالمة إلا قوة ومنعة، حيث شكلت تلك العقوبات دافعاً قوياً لتحقيق الاكتفاء الذاتي على جميع الأصعدة، ومهما بلغت حدة تلك العقوبات، فهي لن تكسر إرادة الصمود لدى السوريين، وهي ستزيدهم عزماً وإصراراً على مواصلة المواجهة والتحدي، بينما تضيف الدول الأوروبية المرتهنة للقرار الأميركي المزيد من الجرائم ضد الإنسانية، إلى سجلها الاستعماري البغيض.