انتهت أمس انتخابات المجلس المركزي لاتحاد الصحفيين، وبداية نبارك للزملاء الذين فازوا ولأنني واحداً من الفائزين أجد نفسي متحرراً من قيد المقولة المتعارف عليها ( حديث المتضرر ، أو أنه يقول ذلك لأنه لم ينجح ) .
من هنا أريد أن أنقل ربما ما يشبه المزاج العام لأغلب الزملاء أعضاء المؤتمر وأبدأ بالسؤال التالي مباشرة:
هل ما حدث في المؤتمر بدءاً من وقائعه خلال يومين متتاليين يعكس الصورة اللائقة للصحفيين .؟
والسؤال الثاني: هل هذه الصورة تمثل كل الصحفيين؟
لا أبداً .. لأن الصحفي السوري الذي استطاع أن يقاوم كبرى الأمبراطوريات الإعلامية وأن يصمد وينقل صورة الواقع على حقيقته وكان شريكاً مع أبطال الجيش العربي السوري في الانتصارات والشهداء، ورديفاً له في خندق المواجهة الأمامي.. هذه هي صورة الصحفي السوري.
صحيح إن الصناديق وعدد الأصوات ونسبة الناخبين هي الكلمة الفصل في أي انتخابات، لكن هذا لا يعني أن من نجح هو الأفضل بين زملائه لجهة الكفاءة والأداء وتحمل المسؤولية والقدرة على قيادة العمل النقابي والإعلامي أكثر من غيره.
أقول ذلك لأنه عندما تتجاوز الانتخابات البعد الديمقراطي المشروط بتوافر ثقافة ونزاهة وعدالة الانتخاب تكون المشكلة فينا نحن ، وتتسع دائرة المشكلة وخطورتها أكثر عندما نتجاهل أو تغيب عنا مسألة جوهرية في أي انتخابات وهي حالة الوعي والحرص لدى المرشحين والناخبين لجعل الانتخابات رسالة و صورة لائقة عن استمرار الحياة الديمقراطية رغم كل التحديات والحرب العدوانية وتداعياتها على سورية، وأن يكون الهاجس والمأمول هو الخيارات الصحيحة التي تستند إلى قاعدة الكفاءة وتحمل المسؤولية، وأن لا يكون الهدف والهاجس هو قطف الثمار قبل زرع الأشجار .
وأقول المشكلة فينا لأننا ورغم مسيرة الاتحاد الطويلة والمشاركة المتكررة لبعضنا في انتخابات كثيرة وليس انتخابات الصحفيين فقط، فإننا ما زلنا نتحدث عن ذات الأمور والتحديات التي تترافق مع أي انتخابات وتظل الممارسات الخاطئة هي ذاتها، وكأنها باتت موروثاً ثقافياً متأصلاً، واللافت في الأمر أن بعضنا يرمي بكرة الإشكالات التي ترافق الانتخابات إلى مرمى غيره ، ويتحدث عن معايير الانتخاب ومواصفات المرشح المطلوب واختيار الأكثر كفاءة والقدرة على تلبية متطلبات الزملاء وتطوير العمل، لكن الممارسة في العملية الانتخابية تكون مختلفة لدى بعضنا، وما زلنا نتحدث عن ذات الأمور، ونتسابق للوصول إلى صوت الزميل الناخب وليس ثقته، الوصول إلى رصيد انتخابي وليس الوصول إلى رؤية موحدة وإرادة مشتركة بالتأسيس لثقافة انتخابية هي الضامن لمستقبل أفضل للعمل.
والأمر الآخر الذي أثار الكثير من اللغط هو إلغاء ٤2 ورقة انتخابية من أصل ١٦٤ ورقة بسبب الأخطاء التي لطالما يتم التنبيه لعدم الوقوع بها وهي عدم تكرار اسم المرشح أكثر من مرة في الورقة الواحدة، أو وجود اسم من خارج المرشحين في الورقة … ورغم ذلك مستمرون في وقوع هذه الاخطاء التي تسببت بإلغاء ٤2 ورقة انتخابية كان يمكن أن تكون سبباً لنجاح عدد من المرشحين، ولعل ما يثير الدهشة والاستغراب والتهكم أكثر أن الصحفي صاحب الكلمة والكتابة والقراءة هو الذي يقع بأخطاء من هذا النوع، وعليه يجب ان نعترف أننا بحاجة إلى زراعة ثقافة الانتخابات وترسيخ فكرة أن الانتخاب ليس مجرد صوت ندلي به يوم الانتخاب، بل هو التاسيس لقاعدة عمل توفر البيئة الملائمة للعمل لأنه كلما كان لصوت الناخب في العملية الانتخابية تأثيراً قوياً كلما أكد هذا التأثير أن التأسيس سيكون متيناً كما هو الحال بالنسبة لأي بناء طابقي، فالأصل ليس بعدد الطوابق وإنما بالأساسات المتينة، نعم المشكلة فينا وربما الأمر لا يقتصر على الانتخابات فقط فنحن ندافع عن غيرنا وهذا واجب وشرف للصحفي عندما يعيد حقاً ضائعاً لأحد أو يرفع الظلم عن أحد، لكن حقوقنا ضائعة وأيضاً لا نستطيع أن نرفع الظلم عن أنفسنا، وأكثر من ذلك نتحدث عن علاقة غير متكافئة في التعاون مع الحكومة وعدم دعم وتعاون الحكومة مع الإعلام والإعلاميين، في حين لم يسأل أحد منا في المؤتمر لماذا غابت الحكومة عن مؤتمرنا ولماذا لم يتم تكليف أحد من أعضاء الحكومة لحضور المؤتمر العام لاتحاد الصحفيين.
فهل ثمة من يقول من زملائي الأعزاء أن المشكلة ليست فينا.
الكنز- يونس خلف