فـــي عالــم يصغـــر باســتمرار

ليست الجغرافيا بالطبع المقصودة بهذا العنوان، فالأرض بالمفهوم الجغرافي هي لم يتغير حجمها، إنما الحديث عن وسائل الاتصال الجماهيري التي قربت بين مناطق العالم حتى كاد المجتمع البشري معها أن يتحول إلى وحدة واحدة رغم كلّ ما فيه من تباينات واختلافات.

وقد يسأل سائل: وأيّ علاقة والحال هذه بين الثقافة أو الثقافات الوطنية، وهذا التطور الهائل في وسائل الاتصال؟!..

هذا السؤال تحديداً ما يلامس أكثر المسائل حيوية في عصرنا الراهن لا بالنسبة للثقافة أو وسائل الاتصال وحدهما، وإنما ببقاء كثير من المجتمعات البشرية، وبتوفر -أو انتفاء-امكانيات تطورها الخاص.

لقد لعبت الثقافة دوراً في تاريخ المجتمعات أكبر بكثير مما يبدو للوهلة الأولى، وهذه الحقيقة لن يصعب الاستدلال عليها إن نحن نظرنا للثقافة بمفهومها الواسع على أنها تشمل كلّ ما يتعلق بحياة الناس بما في ذلك البيوت والملابس والطعام والشراب والأثاث وأدوات الاستخدام اليومي واللغة والنتاج الإبداعي الفكري والفني، فإذا قادنا ما سبق للحديث عن شكل من أشكال التبادل الثقافي بين مجتمعاتنا والمجتمعات المتقدمة، فإن عليه أن يقودنا أيضاً لملاحظة أن هذا الشكل فرضته تلك المجتمعات بأخذها من عندنا ما تراه الأهم، وما تراه الأهم هو غالباً ما يكرس فكرة تخلفنا، وفي المقابل فهي تنشر ثقافتها في بلادنا اعتماداً على تفوقها الكبير في وسائل الاتصال المختلفة وخاصة التلفزيون سابقاً، والفضاء الالكتروني حالياً، وما قد يستجد مستقبلاً، وقدرتها العالية بالتالي على إيصال ثقافتها إلى مجتمعاتنا والاستيطان فيها اعتماداً على جملة من الأسباب في مقدّمتها الشعور بالنقص تجاه المجتمعات المتقدمة، وضعف وسائل الاتصال الجماهيري عندنا قياساً، وضعف المضمون المعلوماتي على شبكة النت، وعجز الإنتاج التلفزيوني العربي عن تغطية ساعات الإرسال ببرامج خاصة هامة، غير مستوردة قادرة على منافسة البرامج المستوردة فكرةً وشكلاً وهويةً.

إن الحديث والواقع هذا عن الاستلاب الثقافي لا يمكن اعتباره مبالغة أو تهويلاً فهذا الاستلاب صار خطراً حقيقياً لا يهدد المهتمين بالثقافة وحدهم حين تتاح أمامهم إمكانية التعرف على الحياة الثقافية في الدول المتقدّمة ويحرمون من فرص التعرف على سواها، وإنما أيضاً هو خطر يهدد البناء الثقافي للمجتمعات النامية بأكملها بفعل ما يحدثه من تغييرات كبيرة في أنماط حياتها، وفي كلّ الأحوال فإن الحديث لا يصبّ في صالح العزلة الثقافية فهي فكرة مرفوضة بكلّ الأوقات، وهي أيضاً مسألة مستحيلة في زمننا الراهن، فمن هو المجتمع الذي عاد قادراً على عزلة نفسه عن العالم؟!

إنما الحديث عن واقع يواجه العالم ومجتمعاته الساعية للنمو على وجه التحديد حيث يتساوى تهديد ثقافاتها بتهديد وجودها، وهو ما يجب أن يدفعها لإيلاء اهتمام حقيقي لثقافتها الوطنية وتطويرها وتطوير وسائل نشرها وتعميمها، دون أن تحرم نفسها فرصة الاطلاع على ثقافات الآخرين والاستفادة منها.

إضاءات- سعد القاسم

 

 

 

آخر الأخبار
تعاون اقتصادي وصحي بين غرفة دمشق والصيادلة السعودية: موقفنا من قيام الدولة الفلسطينية ثابت وليس محل تفاوض فيدان: الرئيسان الشرع وأردوغان ناقشا إعادة إعمار سوريا وأمن الحدود ومكافحة الإرهاب رئيس مجلس مدينة اللاذقية لـ"الثورة": ملفات مثقلة بالفساد والترهل.. وواقع خدمي سيىء "السكري القاتل الصامت" ندوة طبية في جمعية سلمية للمسنين استعداداً لموسم الري.. تنظيف قنوات الري في طرطوس مساع مستمرة للتطوير.. المهندس عكاش لـ"الثورة": ثلاث بوابات إلكترونية وعشرات الخدمات مع ازدياد حوادث السير.. الدفاع المدني يقدم إرشادات للسائقين صعوبات تواجه عمل محطة تعبئة الغاز في غرز بدرعا رجل أعمال يتبرع بتركيب منظومة طاقة شمسية لتربية درعا حتى الجوامع بدرعا لم تسلم من حقد عصابات الأسد الإجرامية المتقاعدون في القنيطرة يناشدون بصرف رواتبهم أجور النقل تثقل كاهل الأهالي بحلب.. ومناشدات بإعادة النظر بالتسعيرة مع بدء التوريدات.. انخفاض بأسعار المحروقات النقل: لا رسوم جمركية إضافية بعد جمركة السيارة على المعابر الحدودية البوصلة الصحيحة خلف أعمال تخريب واسعة.. الاحتلال يتوغل في "المعلقة" بالقنيطرة ووفد أممي يتفقد مبنى المحافظة الشرع في تركيا.. ما أبرز الملفات التي سيناقشها مع أردوغان؟ بزيادة 20%.. مدير الزراعة: قرض عيني لمزارعي القمح في إدلب تجربة يابانية برؤية سورية.. ورشة عمل لتعزيز الأداء الصناعي بمنهجية 5S